كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ) [1] . تتمنى أن تكون حيوانا ولم تكن إنسانا ؟ روى السيوطي عنك أنك كنت تارة تقول : وددت أني خضرة تأكلني الدواب [2] والله لوددت أني كنت شجرة إلى جنب الطريق فمر علي بعير فأخذني ، فأدخلني فاه ، فلاكني ، ثم ازدردني ، ثم أخرجني بعرا ، ولم أكن بشرا [3] . وأخرى تقول وقد نظرت إلى طائر : طوبى لك يا طير تأكل من الشجر ، وتستظل بالشجر ، وتصير إلى غير حساب ، يا ليت أبا بكر مثلك [4] . نراك يا أبا بكر تتمنى تارة لو كنت خضرة تأكلك الدواب وتخرجك رجيعا ( 4 ) . وأخرى تتمنى لو كنت حيوانا أحل الله ذبحه ، وأباح للإنسان أكله تكرمة له ، فكأنك ترى الله تعالى جنى عليك إذ جعلك بشرا من ولد آدم ( عليه السلام ) ، ألم تقرأ قوله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم ، وحملناهم في البر والبحر ، ورزقناهم من الطيبات ، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) ( 5 ) . ومما فضل الله به بني آدم على سائر مخلوقاته أن منحه عقلا لو قدمه على هوى نفسه لفاق ملائكة الله المقربين ، وتوصل إلى أعلى المقامات وأرفع الدرجات في عليين .
[1] سورة النساء آية 17 . [2] تاريخ الخلفاء ص 97 طبع بيروت عام 1389 . [3] تاريخ الخلفاء ص 133 . [4] الرجيع للفرس كالعذرة للإنسان . ( 5 ) سورة الإسراء آية 70 .