وكان خمسمأة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا ، قالت فغمني ، فقلت : أتتقلب لشكوى ، أو لشئ بلغك ؟ فلما أصبح قال : أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها [1] . فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يحث المسلمين على كتابة حديثه ، ويرغبهم في ذلك ، لتبقى سنته من بعده يعمل المسلمون بها في مختلف شؤون حياتهم الفردية والاجتماعية مع الله ، ومع المجتمع ، وأنت تحرقها لئلا يبقى للسنة أثرا من بعده ، فهل أدركت عظم هذه الجريمة النكراء يا أبا بكر ؟ قال الذهبي وهو من أخلص الناس لك ودا ، وأشدهم بك إيمانا : إن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه [2] . الرضوي : بينما نراك يا أبا بكر تنهى المسلمين عن التحدث بأحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتسعى في إبعاد المسلمين عنها وإبعادها عنهم ولو بإحراقها بالنار ، نراك تأمرهم بالرجوع إلى كتاب الله التي لا تنكشف لنا غوامضه ومتشابهاته إلا بسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأحاديثه ، ألا علمت أن كتاب الله يأمرنا بما تنهى أنت عنه ، يأمرنا باتباع رسوله ويحذرنا من مخالفته فيقول ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ، أو يصيبهم عذاب أليم ) [3] فهو يأمرنا بالأخذ بسنة الرسول واتباعها ، وأنت تنهانا عن التحدث بها ، وتحرقها .
[1] تذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 . [2] تذكرة الحفاظ ج 1 ص 2 . [3] سورة النور آية 63 .