على السواء ، وسلامة الصدر من الضغن على العدو بعد الفراغ من القتال . فمن تورعه البغي مع قوته البالغة ، وشجاعته النادرة أنه لم يبدأ أحدا قط بقتال وله مندوحة عنه ، وكان يقول لابنه الحسن : لا تدعون إلى مبارزة ، فإن دعيت إليها فأجب ، فإن الداعي إليها باغ ، والباغي مصروع . . . [1] . علي هذا هو الذي نام في فراش النبي ليلة الهجرة ، وقد علم ما تأتمر به مكة كلها من قتل الراقد على ذلك الفراش . . . [2] . وقال الشبلنجي : فمن شجاعته نومه على فراش رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما أمره بذلك ، وقد اجتمعت قريش على قتل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولم يكترث علي ( رضي الله عنه ) بهم . قال بعض أصحاب الحديث : أوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل ( عليهما السلام ) أن انزلا إلى علي واحرساه في هذه الليلة إلى الصباح . فنزلا وهم يقولون : بخ بخ من مثلك يا علي قد باهى الله بك ملائكته . . . [3] . وفي غزوة الخندق برز عمرو بن عبد ود وكان من صناديد المشركين ومعه ولده حنبل وقال : هل من مبارز ؟ فأراد علي أن يبرز إليه ، فأرسل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي أن لا يبرز إليه فجعل عمرو ينادي : هل من مبارز ؟ وجعل يقول : أين حميتكم ؟ أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل دخلها ، أفلا يبرز إلي رجل منكم ؟ فجاء علي ( رضي الله عنه ) إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : أنا له يا رسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : إنه عمرو ، قال : وإن كان عمرو ، فأذن له في مبارزته ، ونزع عمامته ( صلى الله عليه وسلم ) عن رأسه ، وعمم عليا ( رضي الله عنه ) بها ، وقال : إمض لشأنك ، فخرج علي ( رضي الله عنه ) وعمرو يقول :
[1] عبقرية الإمام علي ص 16 ط بيروت عام 1374 . [2] عبقرية الإمام علي ص 25 . [3] نور الأبصار ص 78 ط مصر عام 1312 .