تمهيد تساق عدّة أدلّة لإثبات أعلميّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ، ومن أبرز الأدلّة على ذلك الدليل الذي ينطلق من إثبات أفضليّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته على جميع الأنبياء ، وإذا ثبتت أفضليّته صلّى الله عليه وآله على جميع الأنبياء يتّضح أنّه صلّى الله عليه وآله أعلم الأنبياء ؛ لأنّ الأعلميّة من أوضح مصاديق الأفضليّة . وعلى هذا الأساس نقول : إنّ من الحقائق الأساسيّة التي يسجّلها القرآن الكريم تفاضل الأنبياء والرُّسل فيما بينهم ؛ قال تعالى : ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) ( الإسراء : 55 ) ، وقال : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ( البقرة : 253 ) . وثمَّة حقيقة أخرى يسجّلها القرآن أيضاً نالت اتّفاق المسلمين جميعاً ، ألا وهي أنّ أفضل الأنبياء والمرسلين هم أولو العزم من الرسل كما هو واضح من قوله تعالى : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) ( الأحقاف : 35 ) . ومن المعلوم أنّ القرآن لم يقتصر على إطلاق عنوان أولي العزم فحسب ، بل حدّد لنا من همّ أولو العزم وشخّصهم بأسمائهم كما في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ) ( الأحزاب : 7 ) ، وهذه الحقيقة هي أيضاً موضع إجماع واتّفاق المسلمين . لكن السؤال : من هو أفضل الأنبياء مطلقاً ؟ إنّ أفضلهم مطلقاً هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد صلّى الله عليه وآله ، وهذا من الحقائق الإسلاميّة التي أجمع عليها المسلمون ، بل لعلّنا لا نجانب الصواب إذا قلنا إنّ هذه الحقيقة من الواضحات والضرورات الإسلاميّة