في الدر المنثور في ذيل قوله تعالى : ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أخرج ابن جرير وابن عبّاس قال : « إنّ الله خلق النون وهو الدواة ، وخلق القلم ، فقال : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، من عمل معمول برٍّ أو فاجر أو رزق مقسوم حلال أو حرام . ثمّ ألزَم كلّ شيء من ذلك شأنه ; دخوله في الدُّنيا ، ومقامه فيها كَمْ ، وخروجه منها كيف . ثمّ جعل على العباد حَفَظة وعلى الكتاب خزّاناً تحفظه ، ينسخون كلّ يوم من الخزّان عمل ذلك اليوم ، فإذا فني ذلك الرزق انقطع الأمر وانقضى الأجل ، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم ، فيقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئاً ، فيرجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا . قال ابن عبّاس : ألستم قوماً عرباً ؟ تسمعون الحفظة يقولون : ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) وهل يكون الاستنساخ إلاّ من أصل » [1] . وفيه : أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس في الآية قال : « يستنسخ الحفظة من أمّ الكتاب ما يعمل بنو آدم ، فإنّما يعمل الإنسان على ما استنسخ الملك من أمّ الكتاب » [2] . وفي تفسير القمّي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عن الصادق عليه السلام في رواية طويلة قال في ذيلها : « فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلّها ، أوَلَستم عرباً ؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام ؟ وأحدكم يقول لصاحبه : انسخ ذلك الكتاب ، أوليس إنّما ينسخ من كتاب آخر من الأصل » [3] .
[1] الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، مصدر سابق : ج 7 ص 430 . [2] المصدر السابق : ج 7 ، ص 430 . [3] تفسير القمّي ، لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمّي ، من أعلام القرنين الثالث والرابع الهجري ، صحّحه وعلّق عليه وقدّم له : حجّة الإسلام العلاّمة السيّد طيّب الموسوي الجزائري ، مطبعة النجف ، 1387 ه : ج 2 ص 380 .