مواليّ ، وإنّي ألعنهما عليهما لعنة الله ، مستأكلين يأكلان بنا الناس ، فتّانين مؤذيين ، آذاهما الله وأركسهما في الفتنة ركساً . يزعم ابن بابا أنّي بعثته نبيّاً وأنّه باب ، عليه لعنة الله ، سخر منه الشيطان فأغواه ، فلعن الله من قبل منه ذلك ، يا محمّد إن قدرت أن تشدخ رأسه بالحجر فافعل ، فإنّه قد آذاني آذاه الله في الدُّنيا والآخرة » [1] . وذلك أنّهما كانا من كبار الغلاة ، وقد ادعى « محمّد بن نصير الفهري » أنّه نبيّ رسول ، وأنّ عليّ بن محمّد العسكري أرسله ، وكان يقول بالتناسخ والغلوّ في أبي الحسن عليه السلام ( 1 ) . المنشأ الثالث : الانحطاط الفكري إنّ عدم الوعي وفقدان القدرة على عدم فهم حقيقة العبوديّة ، والانبهار بكرامات الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، وعدم التمييز والتمحيص للأحاديث الموضوعة التي وضعها المدلّسون ، كان من العوامل وراء نشأة ظاهرة الغلوّ ، وهذا ما بيّنه الإمام الرضا عليه السلام في جواب من قال : يا بن رسول الله إنّهم يزعمون أنّ عليّاً لمّا أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله ، دلّ على أنّه إله ، ولمّا ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبّس عليهم وامتحنهم ليعرفوه وليكون إيمانهم به اختياراً من أنفسهم . فقال عليه السلام : « إنّ هؤلاء الضلاّل الكفرة ما أتوا إلاّ من قبل جهلهم بمقدار أنفسهم حتّى اشتدّ إعجابهم وكثر تعظيمهم لما يكون منها ، فاستبدّوا بآرائهم الفاسدة واقتصروا على عقولهم المسلوك بها غير سبيل الواجب حتّى استصغروا قدر الله واحتقروا أمره وتهاونوا بعظيم شأنه ، إذ لم يعلموا أنّه القادر
[1] اختيار معرفة الرجال ، المعروف برجال الكشّي ، مصدر سابق : ج 2 ص 805 .