الثاني : المحكم والمتشابه في القرآن يُطلق المحكم والمتشابه في القرآن بنحوين : النحو الأوّل : جعل الإحكام والتشابه وصفاً للكتاب كلّه ، أمّا الإحكام ففي قوله تعالى ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) ( هود : 1 ) ، والمراد بكون القرآن محكماً أنّه محكم ومتقن من جهة نظمه وتماسكه وانسجامه في الأفكار والمفاهيم . وكذلك وصف القرآن كلّه بأنّه متشابه كما في قوله : ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) ( الزمر : 23 ) ، والمراد منه هو تماثل بعضه مع البعض الآخر في كونه ذا نسق واحد من حيث الأسلوب والهدف وجزالة النظم وبيان الحقائق والحكم والهداية إلى الحقّ وسلامته من التناقض والاختلاف . قال الرازي في ذيل هذه الآية : « هذا التشابه يحصل في أمور : أحدها : أنّ الكاتب البليغ إذا كتب كتاباً طويلاً فإنّه يكون بعض كلماته فصيحاً ويكون البعض غير فصيح ، والقرآن يخالف ذلك فإنّه فصيح كامل الفصاحة بجميع أجزائه . ثانيها : أنّ كلّ ما فيه من الآيات والبيانات فإنّه يقوّي بعضها بعضاً ويؤكّد بعضها بعضاً . وثالثها : أنّ الفصيح إذا كتب كتاباً في واقعة بألفاظ فصيحة ، فلو كتب كتاباً آخر في غير تلك الواقعة ، كان الغالب في كلامه في الكتاب الثاني غير كلامه في الكتاب الأوّل ، والله تعالى حكى قصّة موسى عليه السلام في مواضع كثيرة من القرآن ، وكلّها متساوية متشابهة في الفصاحة . ورابعها : أنّ هذه الأنواع الكثيرة من العلوم التي عددناها ، متشابهة