ملائكته ولا رسله ، وعلمٌ عنده مخزون يقدّم منه ما يشاء ، ويؤخر منه ما يشاء ، ويثبت ما يشاء » [1] . عن جهم ابن أبي جهمة عمّن حدّثه عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « إنّ الله عزّ وجلّ أخبر محمّداً صلّى الله عليه وآله بما كان منذ كانت الدُّنيا ، وبما يكون إلى انقضاء الدُّنيا ، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه » [2] . القسم الثالث : القضاء غير المحتوم وهو القضاء الذي أخبر به تعالى ملائكته وأنبياءه ، وربما أخبروا الناس بوقوعه في الخارج لكن لا على نحو الحتم والجزم ، وإنّما وقوعه معلّق على شيء آخر ، من قبيل قضاء الله تعالى بموت زيد في سنّ العشرين ، بيدَ أنّه علّق موته على عدم دفع زيد للصدقة أو على عدم صلة رحمه ، أو عدم دعاء الناس له ، فلو تحقّق الشرط فلا يموت زيد في ذلك العمر ، قال تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ( الرعد : 39 ) ، وقوله تعالى هذا يفيد فائدة التعليل لقوله المتقدّم في الآية السابقة : ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) ( الرعد : 38 ) ، والمعنى : « أنّ لكلّ وقت كتاباً يخصّه فيختلف ، فاختلاف الكتب باختلاف الأوقات والآجال إنّما ظهر من ناحية اختلاف التصرّف الإلهي بمشيئته ، لا من جهة اختلافها في أنفسها ومن ذواتها ، بأن يتعيّن لكلّ أجل كتاب في نفسه لا يتغيّر عن وجهه ، بل الله سبحانه هو الذي يعيّن ذلك بتبديل كتاب مكان كتاب ، ومحو كتاب وإثبات آخر » [3] .
[1] المصدر السابق : ج 1 ص 147 ، الحديث : 6 . [2] المصدر السابق : ج 1 ص 148 ، الحديث : 14 . [3] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 11 ص 375 .