الاختلاء بنفسه والتجرد إلى الله تعالى ، لتلقنه الاعتراف بالخطأ وأنه المذنب الذي يجب عليه الانقطاع إلى الله تعالى لطلب التوبة والمغفرة ، ولتلمسه مواقع الغرور والاجترام في نفسه ، ومثل أن يقول الداعي من دعاء كميل بن زياد : " إلهي ومولاي ! أجريت علي حكما اتبعت فيه هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوي ، فغرني بما أهوى ، وأسعده على ذلك القضاء ، فتجاوزت بما جرى علي من ذلك بعض حدودك ، وخالفت بعض أوامرك " . ولا شك أن مثل هذا الاعتراف في الخلوة أسهل على الانسان من الاعتراف علانية مع الناس ، وإن كان من أشق أحوال النفس أيضا . وإن كان بينه وبين نفسه في خلواته ولو تم ذلك للانسان فله شأن كبير في تخفيف غلواء نفسه الشريرة وترويضها على طلب الخير . ومن يريد تهذيب نفسه لا بد أن يصنع لها هذه الخلوة والتفكير فيها بحرية لمحاسبتها ، وخير طريق لهذه الخلوة والمحاسبة أن يواظب على قراءة هذه الأدعية المأثورة التي تصل بمضامينها إلى أغوار النفس ، مثل أن يقرأ في دعاء أبي حمزة الثمالي - رضوان الله تعالى عليه : " أي رب ! جللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك ! " فتأمل كلمة " جللني . . " فإن فيها ما يثير في النفس رغبتها في كتم ما تنطوي عليه من المساوئ ، ليتنبه الانسان إلى هذه الدخيلة فيها ويستدرجه إلى أن يعترف بذلك حين يقرأ بعد ذلك : " فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته ولو خفت تعجيل