ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين ، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد ، ولذا قال صلى الله عليه وآله في دعائه : ( رب زدني علما ) . ( أقول ) : لقد ثبت في الأبحاث النفسية إن كل إنسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الأشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الالهام ، بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوة على ذلك . وهذه القوة تختلف شدة وضعفا وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم . فيطفر ذهن الانسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدمات والبراهين أو تلقين المعلمين . ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته ، وإذا كان الأمر كذلك فيجوز أن يبلغ الانسان من قوته الإلهامية أعلى الدرجات وأكملها ، وهذا أمر قرره الفلاسفة المتقدمون والمتأخرون . فلذلك ، نقول - وهو ممكن في حد ذاته - أن قوة الالهام عند الإمام التي تسمى بالقوة القدسية تبلغ الكمال في أعلى درجاته ، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقي المعلومات في كل وقت وفي كل حالة ، فمتى توجه إلى شئ من الأشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوة القدسية الإلهامية بلا توقف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلم . وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية لا غطش فيها ولا إبهام . ويبدو واضحا هذا الأمر في تاريخ الأئمة عليهم السلام كالنبي محمد صلى الله عليه وآله ، فإنهم لم يتربوا على أحد ، ولم يتعلموا على