ولا نقشع الظلم من الدنيا وسادت المحبة والإخاء بين الناس أجمعين ولانمحى الفقر والفاقة من صفحة الوجود . وإذا كنا نشاهد اليوم الحالة المخجلة والمزرية عند الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين ، فلأن الدين الاسلامي في الحقيقة لم يطبق بنصه وروحه ، ابتداء من القرن الأول من عهودهم ، واستمرت الحال بنا - نحن الذين سمينا أنفسنا بالمسلمين - من شئ إلى أسوأ إلى يومنا هذا ، فلم يكن التمسك بالدين الاسلامي هو الذي جر على المسلمين هذا التأخر المشين ، بل بالعكس إن تمردهم على تعاليمه واستهانتهم بقوانينه وانتشار الظلم والعدوان فيهم من ملوكهم إلى صعاليكهم ومن خاصتهم إلى عامتهم ، هو الذي شل حركة تقدمهم وأضعف قوتهم وحطم معنوياتهم وجلب عليهم الويل والثبور ، فأهلكهم الله تعالى بذنوبهم ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، تلك سنة الله في خلقه ( إنه لا يفلح المجرمون ) ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) . وكيف ينتظر من الدين أن ينتشل الأمة من وهدتها وهو عندها حبر على ورق لا يعمل بأقل القليل من تعاليمه . إن الإيمان والأمانة والصدق والاخلاص وحسن المعاملة والإيثار وأن يجب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ، وأشباهها من أول أسس دين الإسلام ، والمسلمون قد ودعوها من قديم أيامهم إلى حيث نحن الآن . وكلما تقدم بهم الزمن وجدناهم أشتاتا وأحزابا وفرقا يتكالبون على الدنيا ويتطاحنون