الإلهي ، فالمعتزلة والإمامية يؤثرون الدفاع عن جانب " العدل الإلهي " أما أهل السنة والصوفية وجماعة من السلف الصالح فإنهم يؤثرون جانب الدفاع عن " الحرية الإلهية " أي الحرية المطلقة لله سبحانه ، وهي الحرية التي لا تقيدها قيود ولا تعلوها قوة أخرى والتي يستشهدون لها بقوله " لا يسأل عما يفعل " . ولكل من الجانبين المتضادين - في نظر المنهج العلمي الحديث - وجهة هو موليها . ويلحق بهذا القدر قول المؤلف في " القضاء والقدر " وهل الانسان مسير أم مخير ؟ أو على حد تعبير الإمامية : هل الانسان مجبر أو مفوض ؟ وهذا المبحث وإن كان شديد الارتباط بفلسفة العدل الإلهي التي شابههم فيها المعتزلة ، إلا أننا نلحظ على الإمامية في هذا المقام أنهم يسلكون مسلكا آخر ، مسلكا وسطا . فلا يقولون بالجبر المطلق الذي قال به فريق " الجبريين " الملقبين بالجهمية ، كما أنهم لا يقولون بالتفويض المطلق الذي قال به فريق " المفوضين " الملقبين بالقدرية من المعتزلة . أما عن عدم قولهم بمقالة الجبريين فلأن القول بالجبر ينفي عن الانسان الإرادة والاختيار أصالة ويجعله لعبة في يد الأقدار أو كالريشة في مهب الرياح . وإذا كان كذلك صار حساب الله له - في عرفهم - عما يرتكبه من خطأ ظلما فاحشا لأنه لا سلطان له حينئذ في اختياره ولا إرادة له تمنعه من الوقوع في ذلك الخطأ . فهم ينكرون هذا الجبر لأنه ينفي عن الله صفة العدل ، وفي هذا يقول الشاعر معبرا عن ذلك : ألقاه في اليم مكتوفا وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماء