أما علماء الشيعة الإمامية فإنهم يبيحون لأنفسهم الاجتهاد في جميع صوره التي حدثناك عنها - ويصرون عليه كل الاصرار ولا يقفلون بابه دون علمائهم في أي قرن من القرون حتى يومنا هذا . وأكثر من ذلك نراهم يفترضون بل يشترطون وجود " المجتهد المعاصر " بين ظهرانيهم ويوجبون على الشيعة اتباعه رأسا دون من مات من المجتهدين ، ما دام هذا المجتهد المعاصر استمد مقومات اجتهاده - أصولها وفروعها - ممن سلفه من المجتهدين وورثها عن الأئمة كابرا عن كابر . وليس هذا غاية ما يلفت نظري أو يستهوي فؤادي في قولهم بالاجتهاد . وإنما الجميل والجديد في هذه المسألة أن الاجتهاد على هذا النحو الذي نقرأه عنهم يساير سننن الحياة وتطورها ويجعل النصوص الشرعية حية متحركة ، نامية متطورة ، تنمشى مع نواميس الزمان والمكان ، فلا تجمد ذلك الجمود الممضد الذي يباعد بين الدين والدنيا أو بين العقيدة والتطور العلمي ، وهو الأمر الذي نشاهده في أكثر المذاهب التي تخالفهم . ولعل ما نلاحظه من كثرة عارمة في مؤلفات الإمامية وتضخم مطرد في مكتبة التشيع راجع - في نظرنا - إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه . أما الصورة الثانية التي تلفت أنظار المفكرين وتغريهم إلى تتبع فرائد هذا المذهب وتحملهم على التعمق في مسائله هي مناقشة علماء الشيعة الإمامية مسألة " الحسن " والقبح في الأشياء ، وهل الشئ الحسن حسن بذاته وبحكم طبيعته ، أم هو حسن لأن الله أمر به وأقره لعباده ! ! وكذلك يقولون في الشئ القبيح ، أهو قبيح لذاته وطبيعته التي أودعت فيه ، أم أن القبح جاء إليه من تحريم الله سبحانه