نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 89
وسجد النبي والمشركون الحاضرون معه ، فرحاً بما جاء في تينك الجملتين من الثناء على آلهتهم . ولكن الآيات التي وقعت بعدهما ، واسترسل النبي في تلاوتها عبارة عن قوله سبحانه : ( تِلْكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إنْ هِيَ إلاّ أسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ) ( 1 ) إلى آخر الآيات . وعندئذ يطرح هذا السؤال ، وهو انّه كيف رضي متكلّم العرب ومنطيقهم وحكيمهم وشاعرهم : الوليد بن المغيرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذا الثناء القصير ، وغفل عن الآيات اللاحقة التي تندد بآلهتهم بشدة وعنف ، ويعدّها معبودات خرافية لا تملك من الإلوهية إلاّ الاسم والعنوان ؟ ! أو ليس ذلك دليلاً على أنّ جاعل القصة من الوضّاعين الكذّابين الذي افتعل القصة في موضع غفل عن أنّه ليس محلاً لها ، وقد قيل : لا ذاكرة لكذوب . ورابعاً : أنّ الله سبحانه يصف في صدر السورة نبيه الأكرم بقوله : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إنْ هُوَ إلاّ وَحْىٌ يُوحى ) ( 2 ) وعندئذ كيف يصح له سبحانه أن يصف نبيه في أوّل السورة بهذا الوصف ، ثم يبدر من نبيه ما ينافي هذا التوصيف أشد المنافاة وفي وسعه سبحانه صون نبيه عن الانزلاق إلى مثل هذا المنزلق الخطير ؟ ! وخامساً : أنّ الجملتين الزائدتين اللّتين أُلصقتا بالآيات ، تكذبهما سائر الآيات الدالة على صيانة النبي الأكرم في مقام تلقّى الوحي والتحفظ عليه وإبلاغه كما مرّ في تفسير قوله سبحانه : ( فَإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) . ( 3 )