نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 66
فهذه الآيات ونظائرها تحكي عن نزاهة المخلصين عن إغواء الشيطان وجرّه إيّاهم إلى الطرق المظلمة . توضيحه : انّ الغي يستعمل تارة في خلاف الرشد وإظلام الأمر ، وأُخرى في فساد الشيء ، قال ابن فارس : فالأوّل الغى وهو خلاف الرشد ، والجهل بالأمر والانهماك في الباطل ، يقال : غوي يغوي غياً ، قال الشاعر : فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً وذلك عندنا مشتق من الغياية ، وهي الغبرة والظلمة تغشيان ، كأنّ ذا الغيّ قد غشيه ما لا يرى معه سبيل حق . وأمّا الثاني : فمنه قولهم : غوي الفصيل إذا أكثر من شرب اللبن ففسد جوفه ، والمصدر : الغوى . ( 1 ) وعلى ذلك فسواء فسرت الغواية في الآيتين بالمعنى الأوّل كما هو الأقرب أو بالمعنى الثاني ، فالعباد المخلصون منزهون عن أن تغشاهم الغبرة والظلمة في حياتهم أو أن يرتكبوا أمراً فاسداً ، ونفى كلا الأمرين يستلزم العصمة ، لأنّ العاصي تغشاه غبرة الجهل وظلمة الباطل ، كما أنّه يفسد علمه بالمخالفة . نعم إثبات الغواية لا يستلزم إثبات المعصية ، فإنّ مخالفة الأوامر الإرشادية التي لا تتبنى إلاّ النصح والإرشاد وإن كانت تلازم غشيان الغبرة في الحياة وفساد العمل ، لكنها لا تستلزم التمرد والتجري اللّذين هما الملاك في صدق المعصية .
1 . مقاييس اللغة : 4 / 399 - 400 .
66
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 66