نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 37
وفي هذا الصدد يقول السيد المرتضى : ما حقيقة العصمة التي يُعتقد وجوبها للأنبياء والأئمّة : ؟ وهل هي معنىً يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية ، أو معنى يضام الاختيار ؟ فإن كان معنى يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية ، فكيف يجوز الحمد والذم لفاعلها ؟ وان كان معنىً يضامّ الاختيار فاذكروه ، ودُلّوا على صحة مطابقته له . ( 1 ) والجواب : إنّ العصمة لا تسلب الاختيار عن الإنسان بأي معنى فسرت ، سواء أقلنا بأنّها الدرجة العليا من التقوى ، أو أنّها نتيجة العلم القطعي بعواقب المآثم والمعاصي ، أو أنّها أثر الاستشعار بعظمة الرب والمحبة لله سبحانه ، وعلى كل تقدير فالإنسان المعصوم مختار في فعله ، قادر على كلا طرفي القضية من الفعل والترك ، وتوضيح ذلك بالمثال الآتي : إنّ الإنسان العاقل الواقف على وجود الطاقة الكهربائية في الأسلاك المنزوعة من جلدها ، لا يمسّها كذلك ، كما انّ الطبيب لا يأكل سؤر المجذومين والمسلولين لعلمهما بعواقب فعلهما ، وفي الوقت نفسه يرى كل واحد منهما نفسه قادراً على ذلك الفعل ، بحيث لو أغمض العين عن حياته وهيأ نفسه للمخاطرة بها ، لفعل ما يتجنبه ، غير أنّهما لا يقومان به لكونهما يحبان حياتهما وسلامتهما . فإن شئت قلت : إنّ العمل المزبور ممكن الصدور بالذات من العاقل والطبيب ، غير أنّه ممتنع الصدور بالعرض والعادة ، وليس صدوره محالاً ذاتياً وعقلياً ، وكم فرق بين المحالين ، ففي المحال العادي يكون صدور الفعل من الفاعل ممكناً بالذات ، غير أنّه يرجح أحد الطرفين على الآخر بنوع من الترجيح بخلاف الثاني فإنّ الفعل فيه يكون ممتنعاً بالذات ، فلا يصدر لعدم إمكانه الذاتي .
1 . أمالي المرتضى : 2 / 347 .
37
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 37