نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 288
استدل الخصم بأنّ ظاهر الآية نفي علمه بإلقاء الكتاب إليه ، فلم يكن النبي راجياً لذلك واقفاً عليه . أقول : توضيح مفاد الآية يتوقف على إمعان النظر في الجملة الاستثنائية ، أعني قوله : ( إلاّ رحمة من ربّك ) حتى يتضح المقصود ، وقد ذكر المفسرون في توضيحها وجوهاً ثلاثة نأتي بها : 1 . إنّ « إلاّ » استدراكية وليست استثنائية ، فهي بمعنى « لكن » لاستدراك ما بقي من المقصود . وحاصل معنى الآية : ما كنت يا محمد ترجو فيما مضى أن يوحي الله إليك ويشرّفك بإنزال القرآن عليك ، إلاّ أنّ ربك رحمك وأنعم به عليك وأراد بك الخير ، نظير قوله سبحانه : ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَحْمَةً مِن رَبِكَ ) ( 1 ) ، أي ولكن رحمة من ربك خصّك بها ، وهذا هو المنقول عن الفراء ( 2 ) ، وعلى هذا لم يكن للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيُّ رجاء لإلقاء الكتاب إليه وإنّما فاجأه الإلقاء لأجل رحمة ربّه ، ولكن لا يصار إلى هذا الوجه إلاّ إذا امتنع كون الاستثناء متصلاً لكون الانقطاع على خلاف الظاهر . 2 . أن يكون « إلاّ » للاستثناء لا للاستدراك ، وهو متصل لا منقطع ، ولكن المستثنى منه جملة محذوفة معلومة من سياق الكلام ، وهو كما في الكشاف : « وما ألقى إليك الكتاب إلاّ رحمة من ربك » ( 3 ) ، أي لم يكن لإلقائه عليك وجه إلاّ رحمة من ربك ، وعلى هذا الوجه أيضاً لا يعلم أنّه كان للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجاء لإلقاء الكتاب