responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 26


وتلك النظرية مثل النظرية الثانية لا تخالف النظرية الأُولى التي فسرناها من أنّ العصمة هي الدرجة العليا من التقوى ، بل يكون الاستشعار والتفاني دون الحق ، والعشق لجماله وكماله ، أحد العوامل لحصول تلك المرتبة من التقوى ، وهذا النحو من الاستشعار لا يحصل إلاّ للكاملين في المعرفة الإلهية البالغين أعلى قممها .
إذا عرف الإنسان خالقه كمال المعرفة الميسورة ، وتعرف على معدن الكمال المطلق وجماله وجلاله ، وجد في نفسه انجذاباً نحو الحق ، وتعلّقاً خاصاً به بحيث لا يستبدل برضاه شيئاً ، فهذا الكمال المطلق هو الذي إذا تعرف عليه الإنسان العارف ، يوَجج في نفسه نيران الشوق والمحبة ، ويدفعه إلى أن لا يبتغى سواه ، ولا يطلب سوى إطاعة أمره وامتثال نهيه ، ويصبح كل ما يخالف أمره ورضاه منفوراً لديه ، مقبوحاً في نظره ، أشد القبح . وعندئذ يصبح الإنسان مصوناً عن المخالفة ، بعيداً عن المعصية بحيث لا يؤثر على رضاه شيئاً ، وإلى ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقوله : « ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك إنّما وجدتك أهلاً للعبادة » . ( 1 ) هذه النظريات الثلاث أو النظرية الواحدة المختلفة في البيان والتقرير تعرب عن أنّ العصمة قوة في النفس تعصم الإنسان عن الوقوع في مخالفة الرب سبحانه وتعالى ، وليست العصمة أمراً خارجاً عن ذات الإنسان الكامل وهويته الخارجية .
نعم هذه التحاليل الثلاثة لحقيقة العصمة ، كلّها راجعة إلى العصمة عن المعصية والمصونية عن التمرد كما هو واضح لمن أعطى التأمل لها ، وأمّا العصمة في مقام تلقى الوحي والتحفظ عليه وإبلاغه إلى الناس ، أو العصمة عن الخطأ في


1 . حديث معروف .

26

نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست