نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 215
الكلام في الآية ، أسلوب عطف وحنان ، وأشبه باعتراض الولي الحميم ، على الصديق الوفي ، إذا عامل عدوه الغاشم بمرونة ولين ، فيقول بلسان الاعتراض : لماذا أذنت له ، ولم تقابله بخشونة حتى تعرف عدوك من صديقك ، ومن وفي لك ممّن خانك ، على أنّه وإن فات النبي معرفة المنافق عن هذا الطريق لكنه لم يفته معرفته من طريق آخر ، صرح به القرآن في غير هذا المورد ، فإنّ النبي الأكرم كان يعرف المنافق من المؤمن بطريقين آخرين : 1 . كيفية الكلام ، ويعبّر عنه القرآن بلحن القول ، وذلك أنّ الخائن مهما أصر على كتمان خيانته ، تظهر بوادرها في ثنايا كلامه ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « ما أضمر أحد شيئاً إلاّ ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه » . ( 1 ) وفي ذلك يقول سبحانه : ( وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أعْمَالَكُمْ ) ( 2 ) 2 . التعرّف عليهم بتعليم منه سبحانه قال : ( مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤمِنِينَ عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَن يَشاءُ ) ( 3 ) ، والدقة في الآية تفيد بأنّ الله سبحانه يجتبي من رسله من يشاء ويطلعه على الغيب ، ويعرف من هذا الطريق الخبيث ويميّزه عن الطيب . وعلى ذلك فلم يفت على النبي الأكرم شئ وإن فاتته معرفة المنافق من هذا الطريق ، ولكنّه وقف عليها من الطريق الآخر أو الطريقين الآخرين .
1 . نهج البلاغة : قسم الحكم ، الرقم 26 . 2 . محمد : 30 . 3 . آل عمران : 179 .
215
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 215