نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 197
وثبات قوم يونس على إيمانهم وعدم انحرافهم عنه بعد كشف العذاب ، ونكث الفراعنة بعد كشف الرجز عنهم ، خير دليل على أنّ إيمان القوم كان إيماناً اختيارياً ثابتاً ونابعاً عن اليقين ، وإيمان الفراعنة كان اضطرارياً ناشئاً عن الخوف . والأوّل من الإيمانين يخرق حجب الجهل ، ويشاهد الإنسان عبوديته بعين القلب وعظمة الرب ونور الإيمان ، فيصير خاضعاً أمام الله ، يعبده ولا يعبد غيره . والثاني منهما يدور مدار وجود عامل الاضطرار والإلجاء ، فيؤمن عند وجوده ويكفر بارتفاعه ، ولا يعد ذلك الإيمان كمالاً للروح ولا قيمة له في سوق المعارف ، قال سبحانه : ( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أفَأنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنينَ ) ( 1 ) ولا شك أنّه تعلّقت إرادته التشريعية بإيمان الناس كلّهم بشهادة بعث الأنبياء وإرسال الرسل ، ولكن لم تتعلّق إرادته التكوينية بإيمانهم ، وإلاّ لم تتخلف عن مراده وأصبح الناس كلّهم مؤمنين إيماناً لا عن اختيار ، ولكن بما أنّه لا قيمة للإيمان الخارج عن إطار الاختيار والناشئ عن الإلجاء والاضطرار ، لم تتعلّق إرادته سبحانه بإيمانهم ، وإليه يشير قوله : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً ) . 2 . هل كان كشف العذاب تكذيباً لإيعاد يونس ؟ قد وعد سبحانه في كتابه العزيز بأنه يؤيد رسله وينصرهم ولا يكذبهم وهو عز من قائل : ( إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ) ( 2 )
1 . يونس : 99 . 2 . غافر : 51 .
197
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 197