نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 131
كان كلاماً أُلقي على صورة الجد ليكون ذريعة لإبطال عبادتهم وشركهم ، وكانت القرائن تشهد على أنّه ليس كلاماً جديّاً ولو كان هذا الكلام صادراً من عاقل غير النبي ( عليه السلام ) لأجزنا لأنفسنا أن نقول : إنّ الغاية ، الاستهزاء والتهكّم بعبدة الأصنام والأوثان حتى يتنبهوا بذلك الوجه إلى بطلان عقيدتهم . ولما كان هذا النمط من الحوار والاحتجاج الذي سلكه إبراهيم في غاية القوّة والمتانة ، لم يجد القوم جواباً له إلاّ الحكم عليه بالتعذيب والإحراق شأن كل مجادل ومعاند إذا أفحم ، كما يقول سبحانه : ( قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَألْقُوهُ فِي الْجَحِيم * فَأرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ ) ( 1 ) ، وفي آية أُخرى : ( قَالُوا حَرّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) ( 2 ) هذا هو الحق الصراح لمن طالع القصة في القرآن الكريم ، ومن أمعن النظر فيها يجد أنّ الجواب هو ما ذكرنا . جواب آخر عن السؤال وربّما يجاب بأنّه لم يكذب وإنّما نسب الفعل إلى كبيرهم مشروطاً لا منجزاً ، وإنّما يلزم الكذب لو نسبه على وجه التنجيز حيث قال : ( بل فعله كبيرهم هذا فاسئَلوهم إن كانوا ينطقون ) فكأنّه قال : فعل كبيرهم هذا العمل إن كانت الأصنام المكسورة ناطقة ، وبما أنّ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه ، وكان الشرط - أعني نطقها - منتفياً كان المشروط - أي كون الكبير قائماً بهذا الفعل - منتفياً أيضاً . وهذا الجواب لا ينطبق على ظاهر الآية ، لأنّها تشتمل على فعلين : أحدهما قريب من الشرط ، والآخر بعيد عنه ، ومقتضى القاعدة رجوع
1 . الصافات : 97 - 98 . 2 . الأنبياء : 68 .
131
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 131