نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 21
1 . العصمة الدرجة القصوى من التقوى العصمة ترجع إلى التقوى بل هي درجة عليا منها ، فما توصف به التقوى وتعرف به تعرف وتوصف به العصمة . لا شك أنّ التقوى حالة نفسانية تعصم الإنسان عن اقتراف كثير من القبائح والمعاصي ، فإذا بلغت تلك الحالة إلى نهايتها تعصم الإنسان عن اقتراف جميع قبائح الأعمال ، وذميم الفعال على وجه الإطلاق ، بل تعصم الإنسان حتى عن التفكير في المعصية ، فالمعصوم ليس خصوص من لا يرتكب المعاصي ويقترفها بل هو من لا يحوم حولها بفكره . إنّ العصمة ملكة نفسانية راسخة في النفس لها آثار خاصة كسائر الملكات النفسانية من الشجاعة والعفة والسخاء ، فإذا كان الإنسان شجاعاً وجسوراً ، سخياً وباذلاً ، وعفيفاً ونزيهاً ، يطلب في حياته معالى الأُمور ، ويتجنب عن سفاسفها فيطرد ما يخالفه من الآثار ، كالخوف والجبن والبخل والإمساك ، والقبح والسوء ، ولا يرى في حياته أثراً منها . ومثله العصمة ، فإذا بلغ الإنسان درجة قصوى من التقوى ، وصارت تلك الحالة راسخة في نفسه يصل الإنسان إلى حد لا يرى في حياته أثر من العصيان والطغيان ، والتمرّد والتجرّي ، وتصير ساحته نقية عن المعصية . وأمّا أنّ الإنسان كيف يصل إلى هذا المقام ؟ وما هو العامل الذي يمكنه من هذه الحالة ؟ فهو بحث آخر سنرجع إليه في مستقبل الأبحاث . فإذا كانت العصمة من سنخ التقوى والدرجة العليا منها ، يسهل لك تقسيمها إلى العصمة المطلقة والعصمة النسبية . فإنّ العصمة المطلقة وإن كانت تختص بطبقة خاصة من الناس لكن
21
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 21