الأول ففتح الباب وخرج إلينا خادم أسود وقال : أيكما راهب دير العاقول ؟ فقال : أنا جعلت فداك ، فقال : إنزل ، وقال لي الخادم : إحتفظ بالبغلين وأخذ بيده ودخلا ، فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ، ثم خرج الراهب وقد رمى بثياب الرهبانية ولبس ثياباً بيضاً وأسلم ، فقال : خذني الآن إلى دار أستاذك ، فصرنا إلى باب بختيشوع ، فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال : ما الذي أزالك عن دينك ؟ قال : وجدت المسيح وأسلمت على يده ! قال : وجدت المسيح ؟ ! قال : أو نظيره ، فإن هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح ، وهذا نظيره في آياته وبراهينه ! ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات » ! . وروى في الكافي ( 1 / 503 ) عن أحمد بن عبيد الله بن خاقان ، وكان ناصبياً من كبار موظفي الدولة العباسية ، فجرى في مجلسه يوماً ذكر العلوية ومذاهبهم فقال : « ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ، في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم ، وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر ، وكذلك القواد والوزراء وعامة الناس ، فإني كنت يوماً قائماً على رأس أبي ، وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حجابه فقالوا : أبو محمد بن الرضا بالباب ، فقال بصوت عال : إئذنوا له ، فتعجبت مما سمعت منهم أنهم جسروا يكنون رجلاً على أبي بحضرته ، ولم يكن عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان أن يكنى ، فدخل رجل أسمر ، حسن القامة جميل الوجه جيد البدن حدث السن له جلالة وهيبة ، فلما نظر إليه أبي قام يمشي إليه خطى ، ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم