والله تعالى يخاطب عباده من الأولين والآخرين بمجمل حساب عملهم مخاطبة واحدة ، يسمع منها كل واحد قضيته دون غيرها ، ويظن أنه المخاطب دون غيره ، ولا تشغله تعالى مخاطبة عن مخاطبة ، ويفرغ من حساب الأولين والآخرين في مقدار ساعة من ساعات الدنيا ! ويخرج الله لكل إنسان كتاباً يلقاه منشوراً ، ينطق عليه بجميع أعماله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، فيجعله الله حسيب نفسه والحاكم عليها ، بأن يقال له : إِقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا » . أقول : لا تنافي بين إكمال حساب البشر في ساعة من ساعات الدنيا ، وبين ما نص على طول الحساب ومواقفه وعقباته الخمسين . قال الصدوق ( قدس سره ) في الإعتقادات : « باب الإعتقاد في العقبات التي على طريق المحشر : إعتقادنا في ذلك أن هذه العقبات اسم كل عقبة منها على حدة اسم فرض ، أو أمر ، أو نهي . فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها فرض ، وكان قد قصر في ذلك الفرض ، حبس عندها وطولب بحق الله فيها . فإن خرج منه بعمل صالح قدمه أو برحمة تداركه ، نجا منها إلى عقبة أخرى ! فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة ، فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء ، فحييَ حياة لا موت فيها أبداً ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبداً ، وسكن جوار الله مع أنبيائه وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ( عليهم السلام ) .