حال أبداً ، وهذا مثل قوله عز وجل : وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ، ومعناه أنهم لا يدخلون الجنة أبداً ، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً . فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، أي ظهر للجبل بآية من آياته ، وتلك الآية نور من الأنوار التي خلقها ألقى منها على ذلك الجبل : جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ، من هول تزلزل ذلك الجبل على عظمه وكبره . فَلَمَّا أفاق قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ : أي رجعت إلى معرفتي بك عادلاً عما حملني عليه قومي من سؤالك الرؤية ، ولم تكن هذه التوبة من ذنب لأن الأنبياء ( عليهم السلام ) لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، ولم يكن الاستيذان قبل السؤال بواجب عليه ، لكنه كان أدباً يستعمله ويأخذ به نفسه متى أراد أن يسأله . على أنه قد روي قوم أنه قد استأذن في ذلك فأذن له ، ليعلم قومه بذلك أن الرؤية لا تجوز على الله عز وجل . وقوله : وأنا أول الْمُؤْمِنِينَ ، يقول : وأنا أول المؤمنين من القوم الذين كانوا معه وسألوه أن يسأل ربه أن يريه ينظر إليه ، بأنك لا ترى » . 9 - نشر كعب الأحبار رؤية الله تعالى بالعين ! لم تظهر أحاديث الرؤية بالعين في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا في زمن أبي بكر ، بل كانت عقيدة المسلمين أن الله تعالى ليس من نوع المادة التي تُرى بالعين وتُحس بالحواس ، لأنه سبحانه وجود أعلى من المادة ، فلا تناله الأبصار ، بل ولا تدركه الأوهام ، وإنما يدرك بالعقل ويُرى بالبصيرة ، ورؤيتها أرقى وأعمق من رؤية البصر .