مع أنهم قد قرأوا في مقدمته وهي أشهر كتبه جرأته الوقحة على مقام أهل بيت العصمة عليهم السلام حيث وصفهم بالابتداع والشذوذ ، مع أنه لا يجهل نص الكتاب على تطهيرهم عليهم السلام - ، ولا ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيان فضلهم ومنزلتهم ، فهو يقول وما أقبح هذا القول : « وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها ، وفقه انفردوا به ، وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح ، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ، ورفع الخلاف عن أقوالهم ، وهي كلها أصول واهية وشذ بمثل ذلك الخوارج إلخ . . » [1] . فهو يجعل أهل البيت إلى جانب الخوارج من حيث الشذوذ والابتداع ، وهو يرى أن مذهبهم الفقهي مرتبط بمذهبهم بالقدح في بعض الصحابة ، ولا نعرف كيف ارتبط ذلك عنده ، وما هي مصاديق هذا الارتباط . وهكذا يوجه ابن خلدون الإهانات لأهل البيت ، ولا من يعترض ، أو يتساءل من أهل نحلته . فضلاً عن أن يقابل الإهانة بمثلها ، أو أن يستحل دمه وماله ، كما يفعلونه بالنسبة إلى الشيعة ، اعتماداً على تهم لا تستند إلى حجة ، ولا إلى أساس . وقد عرف الجميع : أن ابن سكرة قد تنقص فاطمة الزهراء عليها السلام في شعره ؛ فانبرى له الشاعر المجاهد الفذ الحسين بن الحجاج ، مجيباً له على شعره ذاك ، فكان مما قاله له : < شعر > فكان قولك في الزهراء فاطمة * قول امرئٍ لهج بالنصب مفتون عيرتها بالرحا والزاد تطحنه * لا زال زادك حباً غير مطحون وقلت : إن رسول الله زوجها * مسكينة بنت مسكين لمسكين كذبت يا ابن التي باب استها سلس * الإغلاق بالليل مفكوك الزرافين < / شعر > ست نساء غداً بالحشر يخدمها * أهل الجنان بحور الخرد العين [2]
[1] مقدمة ابن خلدون ص 446 . [2] الغدير ج 4 ص 89 . لكن في أعيان الشيعة ج 25 ص 108 : أنه رحمه الله أجاب بهذه الأبيات ابن أبي حفصة .