واتبعوه أبا عمر بن كيسان ، وأحمر بن شميط ، ورفاعة بن يزيد ، والسائب بن مال ، وعبد الله بن كامل ، وتلقطوا بقايا الشيعة ، يمثلون بهم كل مثلة ، ويقتلونهم شرّ قتلة ، حتى طهّر اللّه من عبد الله بن الزبير البلاد ، وأراح من أخيه مصعب العباد ، فقتلهما عبد الملك بن مروان ( وَكَذَلِكَ نُوَلِي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) بعدما حبس ابن الزبير محمد بن الحنفية وأراد إحراقه ، ونفى عبد الله بن العباس وأكثر إرهاقه . فلما خلت البلاد لآل مروان ، سلّطوا الحَجَّاج على الحجازيين ، ثم على العراقيين ، فتلعّب بالهاشميين ، وأخاف الفاطميين ، وقتل شيعة علي ، ومحا آثار بيت النبي ، وجرى منه ما جرى على كميل بن زياد النخعي . واتصل البلاء مدّة ملك المروانية إلى الأيام العباسية ، حتى إذا أراد اللّه أن يختم مدّتهم بأكثر آثامهم ، ويجعل أعظم ذنوبهم في آخر أيامهم ، بعث على بقية الحق المهمل والدّين المعطّل زيد بن علي ، فخذله منافقوا أهل العراق ، وقتله أحزاب أهل الشام ، وقتل معه من شيعته : نصر بن خزيمة الأسدي ، ومعاوية بن إسحاق الأنصاري ، وجماعة من شايعه وتابعه ، وحتى من زوَّجه وأدناه ، وحتى من كلَّمه وأثناه . فلما انتهكوا ذلك الحريم ، واقترفوا ذلك الإثم العظيم ، غضب اللّه عليهم وأنزع الملك منهم ، فبعث عليهم أبا مجرم لا أبا مسلم ، فنظر - لا نظر اللّه إليه - إلى صلابة العلوية وإلى لين العباسية ، فترك تقاه واتبع هواه ، وباع آخرته بدنياه ، وافتتح عمله بقتل عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وسلط طواغيت خراسان ، وخوارج بجستان ، وأكراد إصفهان على آل أبي طالب ، يقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ، ويطلبهم في كلّ سهل وجبل ، حتى سلّط عليه أحب الناس إليه ، فقتل كما قتل الناس في طاعته ، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته ، ولم ينفعه أن أسخط اللّه برضاه وأن ركب ما يهواه .