هذا المعنى . واللّه تعالى أعلم » [1] . أقول : أوّلاً : إن قضيّة ( المهدي ) من الأمور الغيبية التي أخبر عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله - كما أخبر عن القبر والقيامة وأحوالها ، وعن الفتن والملاحم وعن أشراط الساعة وقضايا الدجّال وغير ذلك - ولا يجوز الاعتماد في مثل هذه الأمور الاعتقادية إلا على الأخبار الصحيحة المتقنة الواردة عنه ، فكيف بمثل ما ذكره القاري من الاستحسانات والتخيّلات التي صنعتها الأفكار الفاسدة والأوهام الكاسدة . وعلى الجملة ، فإنه لا يجوز الإعتقاد بشيء استناداً إلى ( القيل ) و ( المناسب أن يكون . . . ) وما هو من هذا القبيل . وثانياً : إن هذا الوجه الذي ذكره لأن يكون ( المهدي ) من ولد ( الحسن ) وهو ( تنازل الحسن عن الخلافة ) إن هو إلاّ وجه اصطنعه القوم في مقابل ما ورد في أخبار أهل البيت عليهم السّلام من أن اللّه سبحانه جعل ( المهدي ) من ولد ( الحسين ) ، لاستشهاده في سبيل اللّه وحفظاً لدينه من كيد المنافقين من بني أمية وغيرهم . وثالثاً : قوله : « وسيأتي في حديث أبي إسحاق . . . » يفيد أن الحديث المشار إليه هو عمدة القائلين بأن ( المهدي ) من ولد ( الحسن ) لا ( الحسين ) وهذا هو الكلام عليه بالتفصيل : فقد أخرج صاحب المشكاة عن أبي إسحاق قال : « قال علي - ونظر إلى ابنه الحسن - قال : إن ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وسيخرج من صلب رجل يسمى باسم نبيّكم ، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق . ثم ذكر قصة : يملأ الأرض عدلاً . رواه أبو داود ولم يذكر القصة » [2] .
[1] المرقاة في شرح المشكاة 5 / 179 . [2] مشكاة المصابيح 3 / 1503 .