وثانياً : إن سعد بن أبي وقاص ممن تنازل عن الإمارة في الشورى لعثمان بن عفان ، ثم لمّا حاصر المسلمون - من الصحابة والتابعين - عثمان خذله ولم ينصره ، حتى قتل عثمان وسعد مختف في خارج المدينة في ( قصره ) خوفاً من المسلمين الثائرين . . . ومن كان هذا حاله لا يوصف بأنه « أزهد الناس في الإمارة والولاية » كما لا يوصف من كان له ( قصر ) في ذلك الزمان بالزهد مطلقاً . ومن طرائف الأخبار : ما حكاه الحافظ ابن حجر بترجمة محمد بن مسلمة : « أنه كان عند عمر معدَّاً لكشف الأمور المعضلة في البلاد ، وهو كان رسوله في الكشف عن سعد بن أبي وقاص حين بنى القصر بالكوفة . قال : وقال ابن المبارك في الزهد . . . بلغ عمر بن الخطاب أن سعد بن أبي وقاص اتّخذ قصراً وجعل عليه باباً وقال : انقطع الصوت ، فأرسل محمد بن مسلمة - وكان عمر إذا أحبّ أن يؤتى بالأمر كما يريد بعثه - فقال له : إئت سعداً فأحرق عليه بابه ، فقدم الكوفة ، فلما وصل إلى الباب أخرج زنده فاستورى ناراً ثم أحرق الباب ، فأخبر سعد فخرج إليه فذكر القصة » [1] . ومن هذا الخبر تظهر أمور منها : إن سعداً كان يحبّ العيش في القصور أينما كان ، وأين هذا من الزهد ؟ وثالثاً : إنه لا يقاس عمر بن سعد بمحمّد بن أبي بكر ، ولا فعله بفعله ، كما لا يقاس عثمان بسيّدنا الحسين سيّد شباب أهل الجنة وسبط الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله . فأمّا محمد بن أبي بكر ، فقد ورد في حقّه ما لم يرد في حق عمر بن سعد عشر معشاره ، وقد اشترك - إن ثبت - مع الصحابة وسائر المسلمين في النهي عن المنكر ، لا طلباً للدنيا بل عن علم واعتقاد بأنه جهاد في سبيل اللّه ، بخلاف عمر بن سعد ، فإن