وذهب أهل السنّة إلى خلاف ذلك كلّه ، فلم يثبتوا العدل والحكمة في أفعاله تعالى ! وجوّزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب ، وأنه تعالى لا يفعل لغرض بل كلّ أفعاله لا لغرض من الأغراض ، ولا لحكمة البتة ، وأنه تعالى يفعل الظلم والعبث ، وأنه لا يفعل ما هو الأصلح للعباد ، بل ما هو الفساد في الحقيقة ، لأن فعل المعاصي وأنواع الكفر والظلم وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم ، مستندةٌ إليه ! تعالى اللّه عن ذلك . وأن المطيع لا يستحق ثواباً والعاصي لا يستحق عقاباً ، بل قد يعذب المطيع طول عمره المُبالغ في امتثال أوامره تعالى كالنبي صلّى اللّه عليه وآله ! ويثيب العاصي طول عمره بأنواع المعاصي وأبلغها كإبليس وفرعون ! وأن الأنبياء عليهم السّلام غير معصومين ! بل قد يقع منهم الخطأ والزلل والفسوق والكذب والسهو وغير ذلك ! وأن النبي صلّى اللّه عليه وآله لم ينص على إمام بينهم وأنه مات عن غير وصية ، وأن الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أبو بكر بن أبي قحافة لمبايعة عمر بن الخطاب له برضا أربعة : أبي عبيدة وسالم مولى حذيفة وأسيد بن حضير وبشير بن سعد ! ثم من بعده عمر بن الخطاب بنصّ أبي بكر عليه ، ثم عثمان بن عفان بنصّ عمر على ستة هو أحدهم ، فاختاره بعضهم ، ثم علي بن أبي طالب لمبايعة الخلق له . ثم اختلفوا فقال بعضهم : إن الإمام بعده ابنه الحسن ، وبعضهم قال : إنه معاوية ابن أبي سفيان ! ثم ساقوا الإمامة في بني أمية إلى أن ظهر السفاح من بني العباس فساقوا الإمامة إليه ، ثم انتقلت الإمامة منه إلى أخيه المنصور ، ثم ساقوا الإمامة في بني العباس إلى المعتصم ، إلى أربعين !