واتباع السبيل القويم ، كما أنه يجب عليه أن يقاوم المنكر بجميع أنواعه من انحلال في الخلق وانحراف عن العقيدة أو اعتداء على الآخرين ، أو حكم جائر ظالم ، وأنواع المنكرات كثيرة لا يمكن حصرها . وهو إذا لم يفعل ذلك فإن المصيبة ستحل به أيضا لأنه جزء من المجتمع يحل به ما يصيب هذا المجتمع ، وبذلك يغرس الإسلام في الفرد الروح الاجتماعية والمسؤولية فلا يستطيع عنها انفكاكا . ثم نجد لقمان يخاطب ابنه ويوصيه بناحية أخرى من نواحي تربية الذات ، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بما سبق ذكره فيقول له : " واصبر على ما أصابك ، إن ذلك من عزم الأمور " . والعنصر التربوي هنا هو الصبر على المصائب ، والمصائب متنوعة كثيرة منها ما ينتج عن المجتمع ذاته ، إذ أن من الطبيعي أن الذي يريد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، لا بد وأن يناله الأذى المعنوي والمادي ومن الأذى المعنوي الشتائم والتعذير والإعراض . ومن الأذى المادي تعذيب وسجن من قبل حاكم طاغية . ومنه أيضا تعذيب في المال إذا صودر ، وربما جوع وحرم من حاجاته ، وغير ذلك كثير ، فمثل هذه الأنواع من المصائب والمكاره لا يمكن أن يحتملها إلا شخص جبار سيطر على نفسه وقوى إيمانه عزيمته ، ووطد نفسه لما تحب وتكره وتعود الصبر على المكروه . ثم إن من المصائب ما هو طبيعي ، فهو كإنسان معرض للأمراض ومعرض أن يصاب في ماله أو عياله وأهله . فهذه مصائب ليست آتية من المجتمع وإنما هي من الطبيعة الإنسانية ، فهي تصيب الفرد لأنه إنسان كائن حي . فهذه المصائب أيضا لا بد لاحتمالها من شخصية فذة جلدة متحررة ، تعودت الخشونة ومارست متاعب الحياة فسخرت بها واجتازتها بسلام . ثم بعد ذلك الوصايا التي تحدد السلوك الاجتماعي ، فيقول لقمان : " ولا