من الذنوب ما ضرره عظيم ، وسوء أثره في المجتمع كبير كالقتل والزنا وشرب الخمر والسرقة وشهادة الزور وقطيعة الرحم وأكل مال اليتيم . وهذا النوع يسمى بالكبائر لكبر المفسدة فيه ، وللوعيد الشديد عليه . ولهذا النوع درجات بحسب الضرر الذي فيه . فكلما كانت دائرته أوسع كان في الكبر أدخل . فكتمان الشهادة كبيرة ، ولكن أكبر منه الكذب على رسول الله ( ص ) وما كان من الذنوب ضرره يسيرا يسمى بالصغائر ، كعبوسة الوجه وهز الرأس احتقارا . والحديث يبين أن سب الرجل أبويه من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب ، لأنه الإساءة في موضع الإحسان ، والإثم الكبير مكان البر العظيم ، والشتم الذميم عوض القول الكريم . وهل هو إلا كفر بنعمة التربية منهما وغمط لحقوقهما ، ودناءة نفس وخسة طبع . وهل يرجى من شخص يسئ إلى أبويه - اللذين ربياه صغيرا - أن يحسن إلى أحد من الناس ؟ كلا ، فهو مصدر شر ومبعث فساد . فلا جرم أن كان ذنبه عظيما ، ووزره خطيرا . ولذلك عجب الصحابة واستغربوا وقالوا : كيف يسب الرجل والديه ؟ استبعاد أن يكون في بني الإنسان من يقدم على هذا الجرم العظيم فبين لهم الرسول ( ص ) أنه سب غير مباشر ، بأن يسب شخص أبا شخص آخر ، فيسب هذا أبويه انتصارا لنفسه وانتقاما مضاعفا لعرضه ، فذلك سب من الأول لأبويه ، لأنه تسبب فيه . وإذا كان التسبب لذلك من الكبائر فما بالك بمن يسبهما كفاحا ، بله من يؤذيهما ويضربهما ؟ إن ذلك للوزر الأكبر لا يفوقه إلا الشرك . وخلاصة الدرس يجب على الولد نحو والديه أمور أربعة : الحب - الشكر - الطاعة - الاحترام