عنه السد الذي بينه وبين المعاصي ، وينقلب شيطانا مريدا يهلك نفسه وغيره . وعلى الجملة يجب أن يقتصر مع العوام على تعليم العبادات ، وتعليم الأمانة في الصناعات التي هم بصددها ، ويملأ قلوبهم من الرغبة في الجنة والرهبة من النار كما نطق به القرآن . وينبغي ألا يفتح للعوام باب البحث فإنه يعطل عليهم صناعاتهم التي بها قوام الخلق ودوام عيش الخواص . الشرط الثامن : أن يكون المعلم عاملا بعلمه فلا يكذب قوله فعله ، لأن العلم يدرك بالبصائر . والعمل يدرك بالأبصار ، وأرباب الأبصار أكثر ، فإذا خالف العمل العلم منع الرشد ، وكل من تناول شيئا وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتهموه ، وزاد حرصهم على ما نهوا عنه فيقولون لولا أنه أطيب الأشياء وألذها ما كان يستأثر به . ومثل المسترشدين من المعلم المرشد مثل الظل من العود ، ومتى استقام الظل والعود أعوج ؟ . وقد قيل : لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم وقال الله تعالى : " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ولذا كان وزر العالم في معاصيه أكبر من وزر الجاهل ، إذ يزل بزلته عالم كثير ويقتدون به ومن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ، ولذلك قال علي ( رضي الله عنه ) " قصم ظهري رجلان : عالم متهتك ، وجاهل متنسك ، فالجاهل يغر الناس بتنسكه ، والعالم يغرهم بتهتكه " . المعلم في رأي أفلاطون : جاء في وصية أفلاطون في تأديب الأحداث ما يلي : " لست أخاطب الطبقة العالية في الفلسفة والبلاغة ، ولا الطبقة الدنيا ، لكن أتوخى الطبقة الوسطى بين الطبقتين فأقول : إنه يجب أن أذكر نفسي وأحضها