لخالقي ، إذ كان السبب الأول في عرفاني نفسي ومن وراء هذا العرفان عرفت ربي ، فكل حرف تعلمته ودنت به لخالقي أراني مدينا بين يديه لمن علمنيه وفقهني به ثم أصدرني عنه إنسانا كاملا يصعد بروحه إلى سمائه ثم يهبط بجسده إلى أرضه . وإذا خاطب الله عبده وهو يحثه على طاعة أبويه بقوله : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) ثم إذا قرن طاعة عبده له بطاعته لوالديه في قوله تعالى : ( ووصينا الإنسان . . ، أن اشكر لي ولوالديك . . . أقول : إذا فرض الله على العبد هذه الطاعة ، فمن طريق أولى أن يفرض على عباده الطاعة لأهل العلم ، لأن العالم خير من العابد ولأن المعلم أفضل من الأب . نقل لي الثقات وأنا في لندن : ولعل هذا الثقة الأستاذ ( كاظم الدجيلي ) وكان يومئذ قنصلا لحكومة العراق في عاصمة السكسون . قال : ( العرف يقضي هنا بأن لا ترفع القبع ( البرانيط ) عن الرؤوس في الشوارع للتحية إلا إذا مر الملك أو الأستاذ ( المعلم ) أما رئيس الوزراء أو أحد كبار المسيطرين إذا مروا كانوا هدفا للسخرية فضلا عن الاحترام ) . من ذا يقر عالمنا اليوم قول الإمام ( عليه السلام ) وهو يشير إلى عظمة العلم وتعظيم المعلم لترسخ في النفوس هيبة الحياة وجلال الإنسانية من وراء تقديس العلم واحترامه . أقول : من ذا يقر قول الإمام : ( من علمني حرفا كنت له عبدا ) ؟ ؟ هل للعلم في نفوسنا هذه القدسية ؟ ؟ وهل للمعلم في صدورنا هذا الإكبار ؟ ؟ وإذا كان الإمام وهو ( علي بن أبي طالب ) أقضى الأمة وأفضلها بعد محمد . إذا كان هذا يفرض على نفسه العبودية بين يدي من يعلمه ولو حرفا واحدا ، فماذا