تقريب الأفراد أو إبعادهم . وقد عد الفقهاء في باب الأمانة : الرحمة والرفق بالرعية ، وتأديب المفسدين العابثين بالأمن العام . فهذا الحديث النبوي قسم من دستور الحكم وما تتطلبه الحكومة من صفات لشخص الحاكم . ويتممه قوله ( ص ) : ( ومن ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة ) . وقوله ( ص ) : ( أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها إلى فإن من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة ) . فالاسلام حين يشترط في السلطان ألا يحتجب دون حاجات الناس ، يسد باب المحسوبية وباب الرشوة . ويوفر للمحكمين أول أركان الاطمئنان ، وهو العدل فيهم والوقوف على احتياجاتهم . وفي التشريع الإسلامي لا يجوز أن يعهد بالحكومة أو ولاية الأقاليم أو المدائن أو القرى ( أو أي وظيفة عامة ) إلى رجل يطلبها بنفسه أو يتطلع إليها ، لأن طلبه للحكم يجعله في نظر الإسلام رجلا غير أمين وصاحب غاية شخصية ، إما أن تكون الانتفاع المادي عن طريق الولاية ، أو الاستمتاع بلذة السلطان ، وكلا الأمرين مناقض لمصلحة الأمة المحكومة . ومن قديم الزمان كان طالب الحكم يعلل طلبه له بأن يرى في نفسه القدرة عليه ، ولكن التعليل الإسلامي لهذه الرغبات هو الضعف وفساد الذمة وعدم الأمانة . وشدد الإسلام على السلطان وحذره الظلم ، وخوفه الآخرة ، وقرر أن السلطة تقابلها المسؤولية ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) . وهذا أصل من أصول القانون الدولي الخاص في العصور الحديثة ، ابتدعه الإسلام ولم يسبقه غيره إليه ونظام السلطة الإسلامية نظام دستوري بأوسع المعاني ، فالأمير يستمد سلطته