إلا بالجهات المالية والثروة والقنية ، والطريق إلى ذلك إنفاق الأفراد مما اقتنوه بكد اليمين وعرق الجبين ، فإنما المؤمنون إخوة ، والأرض لله والمال ماله . وهذه حقيقة أثبتت السيرة النبوية ( على صاحبها وآله أفضل التحية - صحتها واستقامتها في القرار والنماء والنتيجة في برهة من الزمان ، وهي زمان حياته ونفوذ أمره . وهي التي يتأسف عليها ، ويشكو انحراف مجريها - أمير المؤمنين على ( صلوات الله وسلامه عليه ) إذ يقول : ( وقد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلا إدبارا ، والشر فيه إلا إقبالا ، والشيطان في هلاك الناس إلا طمعا فهذا أوان قويت عدته ، وعمت مكيدته ، وأمكنت فريسته ، اضرب بطرفك حيث شئت هل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا ، أو غنيا بدل نعمة الله كفرا ، أو بخيلا اتخذ البخل بحق الله وفرا ، أو متمردا كأن بأذنه عن سمع المواعظ وقرا ) . وقد كشف توالي الأيام عن صدق القرآن في نظريته هذه - وهي تقريب الطبقات بإمداد الدانية بالإنفاق ، ومنع العالية عن الإتراف والتظاهر بالجمال - حيث أن الناس بعد ظهور المدنية الغربية استرسلوا في الاخلاد إلى الأرض ، والافراط في استقصاء المشتهيات الحيوانية ، واستيفاء الهوسات النفسانية وأعدوا له ما استطاعوا من قوة ، فأوجب ذلك عكوف الثروة وصفوة لذائذ الحياة على أبواب أولي القوة والثروة ، ولم يبق بأيدي النمط الأسفل إلا الحرمان ، ولم يزل النمط الأعلى يأكل بعضه بعضا حتى تفرد بسعادة الحياة المادية نزر قليل من الناس ، وسلب حق الحياة من الأكثرين وهم سواد الناس ، وأثار ذلك جميع الرذائل الخلقية من الطرفين ، كل يعمل على شاكلته لا يبقي ولا يذر . فأنتج ذلك التقابل بين الطائفتين ، واشتباك النزاع والنزال بين الفريقين والتفاني