ذلك حواسك الخمس كما استعملتها لمعرفة الخالق . فأبصرهما المندوب ، ثم شمهما ثم لمسهما ، ثم ذاقهما ، ثم وضع أذنه بالقرب منهما ليسمعهما ، فقال : لا أهتدي بالحواس الخمس إلى معرفة أثقلهما ، إلا أن عقلي يقول لي ارفعهما وحركهما بيديك كي تعلم أيهما أثقل . فقال له العالم : إذن العقل هو المرجع الوحيد عند قصور الحواس الخمس وعجزها وإخطاءها . فبالعقل يدرك الخالق الذي جهزك بأعضاء لو تعطل عضو رئيسي منها لما استطاعت المعامل بأجمعها أن تعوض عنها . فكم تخطئ الحواس الخمس والعقل مصحح لها ) . [1] وكان الإمام الصادق عليه السلام قد رمز إلى هذه النكتة بقوله للديصاني لما قال له : تدلني على معبودي . فأخذ الإمام عليه السلام بيضة ، وقال : هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحته جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق فضة سائلة ، وذهبة مائعة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة السائلة ، ولا هذه تختلط بتلك ، ولم يدخل فيها شئ ولم يخرج منها شئ ، ولا يدرى أللذكر خلقت أم للأنثى ، ثم تنفلق عن مثل الطاووس ، أترى ليس لها مدبرا ؟ قال الديصاني : نحن لا نؤمن إلا بما أدركناه بالعين أو السمع أو الشم أو الذوق أو اللمس . قال الإمام : ذكرت الحواس الخمس ، وهي لا تنفع شيئا بغير العقل . ألا يعجب القراء من أفراد يسمون أنفسهم أناسا ، وهم في الحقيقة كالأنعام بل هم أضل . أفراد يعيشون على هذه الذرة العائمة في الفضاء ، التي يسمونها - الأرض -