responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح رسالة الحقوق نویسنده : الإمام زين العابدين ( ع )    جلد : 1  صفحه : 349


وهم يعللون هذا بأن الآخذ يحس بالنقص والضعف أمام المعطي ويظل هذا الشعور يحز في نفسه ، فيحاول الاستعلاء عليه بالتهجم لصاحب الفضل عليه وإضمار العداوة له ، لأنه يشعره دائما بنقصه وضعفه . . وبأن المعطي يريد أن يشعر دائما بأنه صاحب فضل على ما أعطاه . وهو الشعور الذي يزيد من ألم صاحبه الآخر حتى يتحول إلى عداء . .
وقد يكون هذا كله صحيحا في المجتمعات التي لا تسودها روح الإسلام أما هذا الدين فقد عالج المشكلة على نحو آخر ، عالجها بأن يقرر في النفوس أن المال مال الله ، وأن الرزق الذي في أيدي الواجدين هو رزق الله . فإذا أعطى الواجد من ماله شيئا فإنما من مال الله أعطى ، وإذا أسلف حسنة فإنما هي قرض لله يضاعفه له أضعافا كثيرة . وليس المحروم الآخذ إلا أداة وسببا لينال المعطي الواهب أضعاف ما قدمت يداه ! ثم شرع هذه الآداب التي نحن بصددها الآن ، توكيدا لهذا المعنى في النفوس ، حتى لا يستعلي معط ، ولا يتخاذل آخذ . فكلاهما آكل من رزق الله . وللمعطين أجرهم من الله إذا هم أعطوا في سبيل الله ، وابتغاء لرضاه ، متأدبين بالأدب الذي رسمه أولئك ( لا خوف عليهم ) من فقر ، ولا من حقد ، ( ولا هم يحزنون ) على ما أنفقوا في الدنيا ، ولا على مصيرهم في الآخرة . . . وتوكيدا للمعنى الذي سلف من حكمة الصدقة . وتوكيدا لأن الغرض منها هو تهذيب النفوس وترضية القلوب وربط الواهب والآخذ برباط الحب في الله . . . يقول تعالى : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم ) .
يقرر أن الصدقة التي يتبعها الأذى لا ضرورة لها : وأولى منها كلمة طيبة ، وشعور سمح . كلمة طيبة تضمد جراح القلوب وتفعمها بالرضى والبشاشة ومغفرة تغسل أحقاد النفوس وتحل محلها الإخاء والصداقة .

349

نام کتاب : شرح رسالة الحقوق نویسنده : الإمام زين العابدين ( ع )    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست