المنافقون كثير من الآيات القرآنية الكريمة نزلت في ذم المنافقين وسئ أعمالهم . بل خصص الله سبحانه سورة كبرى من سور القرآن في ذمهم . وذلك أن المنافقين شر مستطير في كل زمان على كل إصلاح في الأرض . لو تتبع الإنسان أي إصلاح في الأرض ، وأراد أن يعرف كيف يقابل ذلك الإصلاح من طبقات الناس ، لرأى رأي العين أن الناس أمام ذلك الإصلاح أقسام ثلاثة : قسم يرحب به ويناصره ظاهرا وباطنا ، ويضحي في سبيل مناصرته النفس والنفيس . وقسم آخر يعاديه ظاهرا وباطنا . وقسم ثالث يعاديه في الباطن ويناصره في الظاهر ، وأولئك هم المنافقون المخادعون . ونظرة واحدة في نهضات البلاد وثورتها ضد أعدائها الغاصبين لها ، تريك كيف تنقسم الناس على المصالح ، وكيف يكونون أحزابا وشيعا ، وكيف تتجلى أخلاقهم ، وتظهر مخبآت نفوسهم . ترى الفريق الذي صفت ، وطهرت عن الخبث أخلاقه ، يرحب بذلك الإصلاح ويدعو الناس إليه ، ناسيا ما وراء ذلك من آلام ومشاق ، وتراه يندفع إلى ترويج الدعاية للمبدأ وهو لا يشعر ، ولا يرى سعادته في أن ينفق ماله وحياته في ذلك السبيل ، وهو الفريق المؤمن . وترى فريقا آخر كبر عليه أن يقوم بذلك الإصلاح رجل من القوم ، ويصبح وله ذلك الأثر الخالد ، والصيت الذائع ، فيرجع إلى نفسه وقد امتلأت حقدا وحسدا ، وكبرا وغرورا ، فيسائل نفسه ماذا أنت فاعلة