الذين عبدوا من دون الله ( الذي بيده نفعهم وضرهم ) ما لا ينفع ولا يضر ، هل يستوي الأعمى ، الذي لا يبصر شيئا ولا يهتدي لحجة يسلكها إلا بأن يهدى ، والبصير الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق فيتبعه ، ويعرف الهدى فيسلكه ؟ وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رشدا . وقوله : ( أم هل تستوي الظلمات والنور ) أي هل تستوي الظلمات التي لا ترى فيها المحجة فتسلك ، ولا يرى فيها السبيل فيركب ، والنور الذي يبصر به الأشياء ويجلو ضوؤه الظلام ؟ يقول : إن هذين لا شك غير مستويين ، فكذلك الكفر بالله ، إنما صاحبه منه في حيرة يضرب أبدا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة ، والإيمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه ومعرفة منه بأن له مثيبا يثيبه على إحسانه ، ومعاقبا يعاقبه على إساءته ، ورازقا يرزقه ، ونافعا ينفعه . وجاء في سورة ( الحجر ) : ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ، ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ) . يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وآله : لا تتمنين يا محمد ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعا للأغنياء من قومك ، الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يتمتعون فيها ، فإن من ورائهم عذابا غليظا ، ( ولا تحزن عليهم ) أي لا تحزن على ما متعوا به ، فجعل لهم ، فإن لك في الآخرة ما هو خير منه ، وقوله : ( واخفض جناحك للمؤمنين ) يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله : وألن جانبك لمن آمن بك ، واتبعك واتبع كلامك ، وقربهم منك ولا تجف بهم ولا تغلظ عليهم . يأمره تعالى بالرفق بالمؤمنين . وجاء في سورة ( الكهف ) : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) .