وتزداد رغبتها فيه كما تزداد المعدة اشتياقا لقبوله ، وسائر أعضاء الهضم تزداد قوة ونشاطا لهضمه فتهيأ لقبوله ولذا يجب أن تتحقق أنه ليس لنا غنى عن اللسان ، إذ لولاه لانعدمت حاسة الذوق التي مركزها سطح اللسان ، ولأكثر الإنسان من تعاطي ما يضره فيتلف صحته ، ولكانت البلعة الغذائية في الفم كما تكون في اليد على حد سواء ، ولكان الإنسان لا يميز عند الأكل بين الخبز الجيد والخبز العفن الردئ الذي يترتب على كثرة الأكل منه ضرر عظيم ، لأنه سم قاتل . وصفوة القول : فمنفعة اللسان لصحة الإنسان بديهية ، وحينئذ لا ينبغي احتقار شأنه وعدم اعتبار أمره . وهو أيضا : ترجمان الضمير وآلة المنطق والبيان ، وإن كان عضوا بسيطا مركبا من اللحم والدم والأعصاب والشرايين والأوردة كباقي الأعضاء إلا أنه سر الحياة الصحيحة ، حتى عبروا عنه بنصف . الإنسان والجزء الذي لا يتجزأ من الجنان . ويؤيد هذا قول علي أمير المؤمنين عليه السلام ( المرء بأصغريه قلبه ولسانه ) . وقول زهير بن أبي سلمى - حكيم الشعراء - : لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم وهو مؤتمر بأوامر الإرادة المنفذة للضمير ، فإن الضمير يوحي إلى اللسان ما يشاء والإرادة تحركه ، فينطق بمكنونات الضمير ، وما يتخلق به المرء من صفات إيجابية تعلي من شأنها صاحبها وترفع من مكانته ، أو من أخلاق سلبية تؤدي بذويها إلى الردى ، وتنحدر بهم في مهاوي الدرك الأسفل . وهو من النعم الجليلة التي حبانا الله سبحانه بها ، لذلك يجب علينا أن نعطيه حقه بأن نصونه من مبتذل القول وبذئ الكلم ، وأن نجنبه الآفات التي