نام کتاب : شرح المواقف نویسنده : القاضي الجرجاني جلد : 1 صفحه : 325
قوله تعالى الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) فإنه يستفاد منه اجتماع الإيمان مع الظلم وإلا لم يكن لنفي اللبس فائدة ومن المعلوم إن الشئ لا يمكن اجتماعه مع ضده ولا مع ضد جزئه فثبت إن الإيمان أوليس فعل الجوارح ولا مركبا منه فيكون فعل القلب وذلك أما التصديق وأما المعرفة والثاني باطل لأنه خلاف الأصل لاستلزامه النقل وقد عرفت بطلانه ( فإن قيل فلم لا تجعلونه التصديق باللسان ) يريد إنكم إذا أنبتم النقل عن المعنى اللغوي وجب عليكم أن تجعلوا الإيمان عبارة عن التصديق باللسان كما هو مذهب الكرامية ( فإن أهل اللغة لا يعلمون من التصديق إلا ذلك قلنا لو فرض عدم وضع صدقت لمعنى ) بل كان مهملا ( أو ) فرض ( وضعه لمعنى غير التصديق لم يكن المتلفظ به ) على ذلك التقدير ( مصدقا ) بحسب اللغة ( قطعا فالتصديق إما معنى هذه اللفظة أو هذه اللفظة لدلالتها على معناها ) وأياما كان ( فيجب الجزم بعلم العقلاء ) من أهل اللغة ( ضرورة بالتصديق القلبي ) فكيف يقال إنهم لا يعلمون إلا اللساني ( ويؤيده ) أي يؤيد إن الإيمان أوليس فعل اللسان بل فعل القلب ( قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين وقوله قالت الأعراب آمنا الآية ( فقد أثبت في هاتين الآيتين التصديق اللساني ونفي الإيمان فعلم أن المراد به التصديق القلبي دون اللساني ( احتج الكرامية بأنه تواتر أن الرسول عليه السلام والصحابة والتابعين كانوا يقنعون بالكلمتين ممن أتى بهما ولا يستفسرون عن علمه وتصديقه القلبي ( وعمله فيحكمون بإيمانه بمجرد الكلمتين ) فعلمنا أنه الإيمان بلا علم وعمل ( الجواب معارضته بالإجماع على أن المنافق كافر ) مع إقراره باللسان وتلفظه بالشهادتين ( و ) معارضته ( بنحو قوله تعالى قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا و ) حله بأن يقال ( لا نزاع في أنه ) أي التصديق اللساني ( يسمي إيمانا لغة ) لدلالته على التصديق القلبي ( و ) لا في ( أنه يترتب عليه ) في الشرع ( أحكام الإيمان ظاهرا ) فإن الشارع جعل مناط الأحكام الأمور الظاهرة المنضبطة والتصديق القلبي أمر خفي لا يطلع عليه بخلاف الاقرار باللسان فإنه مكشوف بلا سترة فيناط به الأحكام الدنيوية ( وإنما النزاع فيما بينه وبين الله ) النزاع في الإيمان الحقيقي
325
نام کتاب : شرح المواقف نویسنده : القاضي الجرجاني جلد : 1 صفحه : 325