نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 29 صفحه : 104
مستدرك الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهدي قد تقدم نقل ما يدل عليه من أعلام العامة في 13 ص 1 إلى 74 ومواضع أخرى من الكتاب ، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق : فمنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في " آل محمد " ( ص 190 والنسخة من مكتبة السيد الأشكوري ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأئمة بعدي اثنا عشر ، أولهم أنت يا علي ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها . قال في الهامش : رواه في " المناقب " بسنده عن علي [ عليه السلام ] 1 )
1 ) قال الفاضل المعاصر الدكتور أحمد حجازي السقا في " الخوارج الحروريون " ص 38 ط مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، قال : ويروي الكليني عن عبد الله بن جندب أنه كتب إليه علي بن موسى - الإمام الثامن عندهم - : أما بعد . . . فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الاسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق . وقال الدكتور أبو الوفاء الغنيمي التفتازاني أستاذ الفلسفة الاسلامية ، جامعة القاهرة ، في " علم الكلام وبعض مشكلاته " ص 80 ط دار الثقافة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، قال : ويذهب الاثنا عشرية - كما ذهب غيرهم من الشيعة أيضا - إلى أن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي ، أو لسان الإمام الذي قبله ، وليس إذن بالاختيار والانتخاب من الناس ، فالإمامة إذن واجبة على الله . ويستند الشيعة الاثنا عشرية في قولهم بأن الإمامة تكون بالنص والتعيين إلى شواهد نقلية وأخرى عقلية . فيظهرنا السيد محمد رضا المظفر أحد علماء الشيعة المعاصرين ، وعميد كلية الفقه في النجف الأشرف على بعض الشواهد النقلية التي يستند إليها الاثنا عشرية في قولهم بأن الإمامة بالنص قائلا : ونعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص عل خليفته والإمام في البرية من بعده ، فعين ابن عمه علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين ، وأمينا للوحي ، وإماما للخلق في عدة مواطن ، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير . فقال : ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه . اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار . ومن أول مواطن النص على إمامته قوله حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال : هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم ، وكرر قوله له في عدة مرات : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، إلى غير ذلك من روايات وآيات كريمة دلت على ثبوت الولاية العامة له ، كآية المائدة ، 60 ( إنما وليكم الله ورسوله والذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ) وقد نزلت فيه عندما تصدق بالخاتم وهو راكع . ثم إنه عليه السلام نص على إمامة الحسن والحسين ، والحسين نص على إمامة ولده زين العابدين ، وهكذا إماما بعد إمام ينص المتقدم عنهم على المتأخر . وقد أظهرنا الشهرستاني على بعض أدلتهم العقلية على أن الإمام منصوص عليه معين بشخصه ، فقال : وما كان ( في رأي الإمامية ) في الدين والاسلام أمر أهم من تعيين الإمام حتى تكون مفارقته ( أي مفارقة النبي ) الدنيا على فراغ قلب من أمر الأمة فإنه ( أي النبي ) إنما بعث لرفع الخلاف وتقرير الوفاق فلا يجوز أن يفارق الأمة ويتركهم هملا يرى كل واحد منهم رأيا ، ويسلك كل واحد منهم طريقا لا يوافقه في ذلك غيره ، بل يجب أن يعين شخصا هو المرجوع إليه وينص على واحد هو الموثوق به والمعول عليه ، وقد عين عليا رضي الله عنه تعريضا وفي مواضع تصريحا . ولكن ما هي الشروط التي يجب توافرها فيمن يكون إماما عند الشيعة الاثني عشرية ؟ نقول إجابة على هذا السؤال : إن الاثنا عشرية يعتقدون أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، من سن طفولته إلى موته ، عمدا وسهوا ، كما أنه يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان . وذلك لأن الأئمة هم حفظة الشرع والقوامون عليه ، حالهم في ذلك حال النبي ، والدليل الذي يقتضي عصمة النبي عندهم هو نفس الدليل الذي يقتضي عصمة الإمام . ويعتقد الاثنا عشرية أن الإمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال الانساني كالشجاعة والكرم والعفة والصدق والعدل والتدبير والعقل والحكمة . ويجب أن يكون أن الإمام مؤيدا من طريق الالهام بالقوة القدسية . فالإمام يتلقى المعارف من طريق النبي أو الإمام الذي قبله . فإذا استجد شئ فلا بد أن يعلمه من طريق هذه القوة القدسية ، فمعرفة الإمام عن طريق الأخير ليست من قبيل الاستدلال العقلي ، وإنما تتجلى المعلومات في نفسه كما تتجلى المرئيات في المرآة الصافية ، وهنا يتفق الاثنا عشرية مع بعض فلاسفة الاسلام والصوفية الذين جعلوا وراء العقل واستدلالاته طريقا حدسيا أو كشفيا للمعرفة . هذا ، وتجب طاعة الأئمة مطلقا ، فأمرهم أمر الله ، ونهيهم نهيه وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته ، ووليهم وليه ، وعدوهم عدوه ، ولا يجوز لذلك الرد عليهم لأن الراد عليهم كالراد على الرسول ، والراد على الرسول كالراد على الله ، فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم ، ولا تستقى الأحكام الشرعية إلا منهم ، فيجب الرجوع إليهم ، ويستند الاثنا عشرية هنا ما يروى عن النبي : إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : الثقلين ، وأحدهما أكبر من الآخر ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . ويعتقد الاثنا عشرية كذلك بالتقية ، فقد روى عن الصادق قوله : التقية ديني ودين آبائي ، وقوله : ومن لا تقية له لا دين له . والحكمة منا دفع الضرر عن الأئمة وعن أتباعهم حقنا للدماء واستصلاحا لحال المسلمين وجمع كلمتهم ، إذ أن الانسان إذا أحس بالخطر على نفسه أو ماله بسبب نشر معتقده أو التظاهر به فلا بد أن يتكتم ويتقي في مواضع الخطر ، وهذا في رأيهم أمر تقتضيه فطرة العقول ، خصوصا وأن أئمة أهل البيت قد لاقوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على جريانهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة أو أمة أخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقية ، بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم ، وأعمالهم المختصة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا ويستدلون هنا ببعض شواهد من النقل مثل قوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر الذي التجأ إلى التظاهر بالكفر خوفا من أعداء الاسلام ، وقوله تعالى ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) وقوله ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم أيمانه ) . ومن هنا جوز الاثنا عشرية أن يكون الإمام ظاهرا مشهورا ، أو غائبا مستورا ، والله لا يخلي الأرض من حجة على العباد من نبي أو وصي . والاثنا عشرية بوجه عام معتدلون في نظرتهم إلى الأئمة وهم يبرؤون من الغلاة الذين اعتقدوا بالحلول ، أي حلول الجزء الإلهي في علي وذريته ، فيقول السيد محمد رضا المظفر مبينا عقيدتهم في الأئمة : لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، بل عقيدتنا الخالصة أنهم بشر مثلنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به ، وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ، ومرجعا بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم ، وما يرجع للدين من بيان وتشريع وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل . ويعتقد الاثنا عشرية بعد ذلك بالرجعة أعني رجعة المهدي ومن يحييه الله معه . والمهدي هو آخر أئمتهم . ويعتقدون أن ولد سنة 256 ه ولا يزال حيا ، وهو ابن الحسن العسكري واسمه محمد ، ويستندون هنا إلى مرويات عن النبي وآل البيت من الوعد به ، وما تواتر عندهم ولادته واحتجابه ، إذ الإمامة لا يجوز أن تنقطع في عصر من العصور ، وإن كان الإمام مخفيا ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلا هو تعالى . ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه في هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له . وفي عصور غيبة الإمام يجب الاجتهاد . ويعتقد الاثنا عشرية أن المجتهد الجامع للشرائط هو نائب للإمام في حال غيبته ، وهو الحاكم والرئيس المطلق ، له ما للإمام من الفصل في القضايا والحكومة بين الناس ، والراد عليه راد على الإمام ، والراد على الإمام راد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله كما روي عن الصادق . وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام للمجتهد ليكون نائبا عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى نائب الإمام . هذا موجز لعقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، عرضناه من وجهة نظر بعض كبار علمائهم المعاصرين ، وقد توخينا بذلك أن نعطي للقارئ فكرة موضوعية عن عقائد الاثني عشرية لا أثر فيها لما قد يعتقده كاتب هذه السطور ، وهو من أهل السنة . ونحن نعتقد أن الخلاف بين الاثني عشرية وأهل السنة قائم ، ولكنه ليس بذي خطر إذا ما تفهمناه على حقيقته . ولننظر في أو مسألة تتعلق بالإمامة ، وهي قول الشيعة إنها بالنص والتعيين وقول أهل السنة إنها بالاتفاق والاختيار ، فنجد أن مسألة الإمامة كلها عند أهل السنة خارجة عن نطاق العقائد الايمانية لأنها من مسائل الفروع ، وعلى ذلك فالقول بالنص فيها لا تعلق له بكفر ولا بإيمان ، ولا يكون القائل به مبتدعا بل يجب النظر إليه على أنه بمثابة مجتهد في الأحكام . ولعل هذا هو ما جعل بعض فلاسفة الاسلام كابن سينا يبيحون لأنفسهم البحث العقلي الخالص في هذه المسألة ، وابن سينا مثلا ، وإن كان أميل إلى تفضيل النص ، إلا أنه لا يمانع في أن يكون نصب الإمام بالاختيار . يضاف إلى ذلك أن الشيعة أنفسهم لم يبدعوا الذين لا يذهبون مذهبهم في الإمامة ، يدل عليه قول السيد محمد حسين آل كاشف الغطاء وهذا نصه : فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم ( عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية ) مؤمن بالمعنى الأخص ، وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة ( وهي التوحيد والنبوة والمعاد والعمل بدعائم الاسلام وهي الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد ) فهو مسلم بالمعنى الأعم ، تترتب عليه جميع أحكام الاسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته وغير ذلك ، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلما . وكما يعظم الاثنا عشرية الأئمة من أهل البيت ويوجبون محبتهم ، فإن أهل السنة يعظمون أيضا أهل البيت ، ويعتبرونهم مرجعا للمسلمين في الأحكام ، ويرون لهم منزلة وفضلا كبيرا ، ويرون محبتهم والتقرب إليهم من كمال الإيمان لما ورد في حقهم من النصوص الثابتة . ووجوب كون الإمام عند الاثني عشرية أفضل الناس في صفات الكمال لأنه يقوم مقام النبي ، فهذا - إذا ما تحقق في الإمام - لا يعارض فيه أهل السنة أو غيرهم ، ووجوب طاعة الإمام من الأمور المتفق عليها بين جميع المسلمين . أما مسألة العصمة أعني عصمة الإمام ، فهي وإن كانت من المسائل الخلافية ، إلا أنها لا تهدم أصلا من أصول العقائد الايمانية عند أهل السنة . أما القول بالرجعة فإذا كان أهل السنة ينكرونه استنادا إلى شواهد نقلية ، والاثنا عشرية يثبتونه ويدللون عليه أيضا بأدلة نقلية ، فإن السيد محمد رضا المظفر يقول : إنها - إي الرجعة - ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها ، وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم السلام الذين ندين بعصمتهم عن الكذب ، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها ، ولا يمتنع وقوعها . قال في ذيل الكتاب : يذهب الإمامية إلى أن الله تعال يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر ، ولذلك لا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان ، أو من بلغ الغاية من الفساد ، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالإرجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) ( المؤمنون : 11 ) ، والرجعة عندهم دليل على القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر ، وهي كمعجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح ، بل هي في رأيهم أبلغ هنا لأنها تقع بعد أن يصبح الأموات رميما ( قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) ( يس : 79 ) أنظر في تفصيل ذلك عقائد الإمامية ص 67 - 71 .
104
نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 29 صفحه : 104