( صلى الله عليه وآله ) حتى قال أبو سفيان عليه اللعنة " يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم تبكين على قتلاكم فإن الدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والعداوة لمحمد " [1] . فهذه هي طبيعة الحقد السفياني على رسول الله وأصحابه ، وحمله من بعده ولده معاوية هذا الحقد الذي بقي في صدر أبو سفيان يغلي ويفور ولا يبرد حتى يقضي على رسول الله وأنصاره ، فأخذ يعد العدة للمواجهة الجديدة ويحشد الحشود ويقوي عزائم المشركين بإثارة النعرة القبلية عندهم للثار وطلبه فتجهزوا للقتال . فأرسل العباس بن عبد المطلب برسالة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخبره بتجهيز جيش الكفار [2] وما أن وصل الكتاب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى كتمه ولم يبينه خوفا من تسري الخبر واستغلاله من قبل المنافقين الذين لم يسرهم نصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في غزوة بدر لأنهم يحملون الحقد الدفين ويتحينون الفرص لتحقيق مآربهم الشريرة وهذا الكتمان ساعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على تجهيز الجيش وإعداد العدة من دون إثارة للإشاعات داخل المجتمع . فجهز الجيش ، وأمر أصحابه بعد أن أعلمهم بالأمر أمرهم بأن يتوجهوا إلى قتال مشركي مكة ورسم لهم الخطة التي لا يمكن أن تفشل أبدا إذا طبقت لما فيها من أنفاس إلهية ، وأعطى الراية إلى المدافع الأول عن الإسلام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) [3] فحثهم بعد ذلك رسول الله على الجهاد ورغبهم فيه . وأخذت الرجال مواقعها من القتال وصعد الرماة الذين يحمون ظهور المسلمين إلى الجبل بعد أن أوصاهم حامل الراية علي بن أبي طالب فقال لهم : " احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا " [4] فبعد كل هذه التوصيات التي سبقت المواجهة تناسى القوم كل ذلك ، وتركوا مواقعهم ، وانحدروا صوب المعركة ، فالتف عليهم المشركون وانقلبت الموازنة فبعد أن أصبح النصر قاب قوسين أو أدنى من المسلمين ، انقلبت الظروف وسيطر المشركون على المعركة وأخذ المسلمون يتراجعون ، حتى تركوا رسول الله وحده مع ثلة من المؤمنين يتقدمهم أميرهم علي بن أبي طالب فصار يدافع عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويدفع المشركين عنه الكتيبة بعد الكتيبة ، كيف لا وهو من رسول الله وجبرائيل منهما [5]