بمجئ موسى ( عليه السلام ) وبالفعل تحقق ذلك واعترف المجتمع بخطأه هذا . التيه الحضاري قضت حكمة الله تعالى علي بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة كبداية لبناء الحضارة الجديدة ، ففاتحهم موسى بذلك بعد أن ذكرهم بنعم الله عليهم * ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) * [1] . فهذا التذكير هو تقوية لعزائمهم وهمهم في المواجهة المستقبلية حتى قال لهم * ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ) * [2] . فماذا كان جوابهم يا ترى ؟ . * ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) * [3] . لم يستفيدوا من الدروس السابقة ، فهم يريدون النعم بلا مقابل ، وتعودوا على الفعل بلا انفعال ، ونسوا بذلك كل نعم الله تعالى والانتصارات التي مدتها قوة الغيب المطلقة إليهم ، وتناسوا مواقفهم السابقة ، ورفضوا الصراع الحضاري مع من يناوئهم ويضدهم سوى ثلة قليلة آمنت بالرسالة شكلا ومحتوى . * ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) * [4] . هاذان الرجلان الظاهر من خطابهم أنهم على اطلاع بخارطة المنطقة الجغرافية ، بحيث يرشدوا قومهم إلى باب خاص يكون فاتحا للنصر ، ويحقق الهدف المطلوب ولكن للأسف أصر القوم على عدم الدخول وعدم المواجهة * ( قالوا يا موسى لن ندخلها أبدا ما داموا فيها ) * [5] . ومن هذا نستكشف الصفات الجبانة الكامنة في نفوس بني إسرائيل يتوارثونها جيلا