كان فرعون قبل المواجهة فرحا بما يملك من طاقات سحرية في قومه ، قادرة على أن تدفع عنه التهديد ، والدعوات الحقة الطارئة في المجتمع ، بما تحمل من أفكار جديدة ، ولكن بعد المواجهة مباشرة ، وبعد انتصار موسى وتوجه السحرة إليه موسى والخضوع له لما شاهدوه من عجيب أمره ، ثارت ثائرة فرعون عندما أحس بفقد السيطرة على المجتمع ، وتقوض أمره داخل مجتمعه فعندما أحس بذلك كله لجأ إلى أسلوب الترهيب ولكن اليوم ليس مع بني إسرائيل كما كان سابقا بل مع السحرة الذين آمنوا بموسى . * ( قال آمنتم له قبل أن أذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) * [1] . من هذا النص القرآني تبين لنا مدى الحقد الذي يحمله فرعون على موسى وأصحابه الذي حاول أن يخفيه في بداية الرسالة بالحوار والسؤال وبالحجج الكلامية بحيث لا يعطي لموسى أهمية تذكر ، فبعد أن علم أن المجتمع عدل إلى جادة الصواب واتخذ ربا غيره برز حقده بالتعذيب والتقطيع والصلب ، فهي طريقة الطغاة المثلى لدى المواجهات وفي حالات الفشل ولكن هذا التهديد لم يأخذ مأخذه كما كان يهدد ، ولا يرهبهم تهديد فرعون وجلاوزته ، فجابهوا كلامه وتهديده بالاستهزاء والسخرية كما بين لنا ذلك القرآن الكريم بهذا النص . . * ( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) * [2] " كلام بليغ في منطوقه بالغ في مفهومه بعيد في معناه رفيع في منزلته يغلي ويفور علما وحكمة " [3] . عجيب أمر هؤلاء قبل قليل كانوا يحلفون بعزة فرعون ويرونه الرب الأعلى لهم ، والآن يكونوا دعاة لموسى ولرسالته ويفصلون بين الحياة الدنيا والآخرة ويحددون قدرة فرعون بالحياة الدنيا وهم ليسوا أجساد حتى يخافون هذا الحكم الدنيوي بل