مراتب العقل . فإن قيل : صدق الموجبة كما يقتضي وجود الموضوع يقتضي وجود مبدأ المحمول فيه أيضا إذا كان المحمول مشتقا وقصد منه المعنى اللغوي والعرفي ، والشاهد على ذلك أنا لا نعرف الصدق والكذب في قول من يقول : الهواء شفاف أو أبيض إلا بوجود مبدء المحمول في الموضوع وانتفائه عنه ، فلو حمل المشتقات على الواجب تعالى بالمعنى الذي نفهمه ، كان صدقه بقيام المبدء به وعينية الصفات تنفي القيام ، فوجب أن يكون معنى الصفات المذكورة على تقدير حملها على الواجب غير ما نفهمه ، بل يكون عين ذاته ، وهو المراد من الاشتراك اللفظي . أجيب : بأن ما ذكر سابقا في إثبات كونه تعالى عالما وموجودا وغيرهما ، يدل على صدق هذه المفهومات المعلومة عليه ، ومآل ما ذكر في عينية الصفات الحقيقية نفي الصفات ونسبة كثير من آثارها إلى الذات ، ومنها كون الذات منشأ صدق المفهومات المذكورة عليها ، والشاهد المذكور شاهد زور ، لأنه مبني على مقايسة الغائب على الشاهد مع كذب ما ذكر في الشاهد أيضا ، لأن صدق نسبة المحمولات التي من شأنها الوجود الخارجي إلى الموضوع ، وكذبها بالوجود والانتفاء لا نسبة مطلق المحمولات . وبالجملة توهم أن العالم بالمعنى الذي يفهمه الناس من هذا اللفظ ومن مرادفاته ليس محمولا على خالق الأشياء ، في غاية السخافة . والقول باقتضاء صدق هذه الموجبة في الخالق وجود مبدء الاشتقاق في الموضوع كما يقتضي في المخلوق ، ناش من المقايسة الفاسدة في المتبوع والتقليد فقط ، أو بانضمام المقايسة في التابع ، هل يجوز عاقل أن لا يصدق على خالق السماوات والأرضين وما فيهن وما بينهن - مع اشتمال قليل منها على حكم ومصالح لا تعد ولا تحصى - عالم وقادر وحي وموجود ؟ لأن مآل القول بالاشتراك اللفظي قول بعدم صدق هذه المفهومات عليه ، بل معنى