وإطاعة المخلوق منقسمة إلى إطاعة الرسول وأولي الأمر ، فلعله لكمال البعد بين الخالق والمخلوق أعيد لفظ الإطاعة في المعطوف الأول دون الثاني ، واكتفى بالرد في المخلوق في صورة التنازع بالرسول للاكتفاء بالأصل في المخلوق لا للحصر فيه . وأيضا يمكن أن يقال : لما ثبت الرسول وعلم المخاطبون به ، أمر عند التنازع بالرجوع إليه مطلقا ، وأما الإمام فيتجدد ، فيجب إن كان لأحد كلام في كونه أولي الأمر ، أو فيما حكم به قبل العلم بكونه أولي الأمر الرجوع إلى الكتاب والسنة ، فإن شهدا بما يطلب الشهادة عليه يجب القبول وإلا فلا ، ولا بعد في شئ من الاحتمالين ، هذا استدلال بالظاهر على من قال بكون الإمامة من الفروع ، وأما من قال بكونها من الأصول كما ظهر لك ، فهذا من المؤيدات . ومنها : الرواية المستفيضة بين فرق أهل الإسلام ، وهي قوله ( صلى الله عليه وآله ) " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ويظهر من هذا بطلان قول من حصر الإمامة في الأربعة ، وهو ظاهر ، وبطلان قول من يتوهم كونه في كل زمان بتعيين الناس بوجهين : أحدهما : بعنوان الظهور ، وهو أن معرفة الإمام واجبة مطلقة على كافة المكلفين فلو كانت الإمامة بالنصب والتعيين ، لكان وجوب المعرفة مشروطا بالتعيين ، وكان التعيين أولى بالوجوب من المعرفة ، فترك الأمر بالتعيين والمبالغة في المعرفة شاهد صدق على كون الإمام معينا بغير مدخلية الأمة . وثانيهما : أنه يحكم العقل من حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بوجوب معرفة الإمام ، بحيث يصير عدمها سببا لكون ميتة الجاهل به ميتة الجاهلية ، باتصاف الإمام بكمال زائد من الله تعالى ، حتى يجب معرفة صاحب هذا الكمال للإطاعة وامتثال ما أمر به ، وجعله وسيلة بينه وبين الله تعالى ، فلو كانت الإمامة بتعيين الناس لأمكن تعلق التعيين بفاقد الكمال ، ووجب مخالفة الإمام إذا حكم بأمر لا يوافق الشرع الأنور ،