نساء العالمين ومنكم حمالة الحطب ، في كثير مما لنا وعليكم . فإسلامنا قد سمع ، وجاهليتنا لا تدفع ، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا ، وهو قوله سبحانه وتعالى * ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) * وقوله تعالى * ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) * فنحن مرة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطاعة ، ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم . وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت ، وعلى كلهم بغيت ، فإن يكن ذلك كذلك فليست الجناية عليك ، فيكون العذر إليك " وتلك شكاة ظاهر عنك عارها " وقلت : أني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع ، ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت ، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكا في دينه ، ولا مرتابا بيقينه [1] انتهى ما أردت نقله من كلامه ( عليه السلام ) . قال الشارح في قوله ( عليه السلام ) " دع عنك من مالت به الرمية " : فإن قلت : فهل هذا إشارة إلى أبي بكر وعمر ؟ قلت : ينبغي أن ينزه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن ذلك ، وأن تصرف هذه الكلمة إلى عثمان ، لأن معاوية ذكره في كتابه ، وقد أوردناه ، وإذا أنصف الإنسان من نفسه علم أنه ( عليه السلام ) لم يكن يذكرهما بما يذكر به عثمان ، فإن الحال بينه وبين عثمان كانت مضطربة جدا [2] . وفيه أن إرادة عثمان كافية هاهنا ، لعدم احتمال ذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هذا المثل لمن كان إمام المسلمين ، فهذا الكلام يدل على بطلان إمامة عثمان ، وببطلانها يبطل
[1] نهج البلاغة ص 386 - 388 رقم الكتاب 28 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 : 194 .