والسنة ، ولم يغلب عليهم الهوى والحسد ، لم يختل النظام ، كما كان هذا الحسد في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم يختل . وأما رابعا ، فلأن ما سموه العجب والتيه إنما كان إظهار بعض مناقبه ، تتميما للحجة على الجهال ، فلو كان السابقون ومن يرضى بقولهم وفعلهم تابعين للحق لم يعدوا إظهار بعض مناقبه ( عليه السلام ) عجبا وتيها ، كيف وبعد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن العجب في غاية الظهور . ولو كان إظهار بعض المناقب عجبا ، لكان دعوى النبوة عجبا ، لكونها دعوى منقبة عظيمة ، وعد بيان بعض المناقب عجبا أيضا نشأ من عصيان السابقين . وأما خامسا ، فلأن قوله " أذعن بالبيعة " ظاهر البطلان ، بعد ملاحظة ما سبق ، لأن باب مدينة العلم ومن يدور الحق معه لم يكن يؤخر البيعة لحظة لو كانت على وفق الشرع ، فتأخره عن البيعة دليل واضح على بطلانها ، وكونه ( عليه السلام ) مجبور بها بعد فاطمة ( عليها السلام ) . وأما سادسا ، فلأنه لا وجه لقوله " على مضض ورمض " على أصله ، لأنه بعد ظهور كون الأول ومن اتبعه فعلوا ما فعلوا لبقاء الإسلام وانتظام أمر الدين وأصابوا ، يجب على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الشكر العظيم على ما فعلوه ، وعد منتهم عليه وعلى المسلمين إلى يوم الدين عظيمة ، فأي مضض يناسب في مثل هذا الأمر ؟ وأي وجه لاستمرار الشكاية وإظهار المظلومية ؟ وأما سابعا ، فلأن قوله " فقد رأيت انتقاض العرب " الخ في غاية الضعف ، لأن انتقاض العرب إنما نشأ مما فعل السابقون عليه من التفاضل في العطاء ، وجعل الحكومة والإمارة وسيلة لتأليف قلوب المتغلبة ، وانتظام الأمور الدنيوية ، فلما لم ير الناس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على ما رسخوا عليه من التوقعات الفاسدة استوحشوا منه وفعلوا ما فعلوا ، ومن تدبير عمر في فعل الشورى خصوصا ، كما بينته في محله .